الثانى : أنه قد نقل عنه بالنقل الصحيح ، أنه قام على منبر رسول الله وقال : «إنّ لى شيطانا يعترينى ، فإن استقمت فأعينونى ، وإن عصيت ؛ فتجنبونى» (١).
وعند ذلك فلا يخلو : إما أن يكون صادقا فيه ، أو كاذبا.
فإن كان كاذبا ؛ فلا يكون معصوما.
وإن كان صادقا ؛ فقد ثبت أنه كان يعصى ؛ فلا يكون معصوما أيضا.
الثالث : أنه خالف أمر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، ومخالفة أمره معصية.
وبيان ذلك : أنه لما جهّز النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جيش أسامة فى مرضه الّذي مات فيه ، وقال : «ملعون من تخلف عنه» ، وكان عمر ، وعثمان فيه ، ومن جملة من يلزمه الخروج فيه ؛ فحبس أبو بكر عمر عن الخروج معه (٢).
الرابع : أنه سمّى نفسه خليفة رسول الله ، وخليفة رسول الله من استخلفه ، ولم يكن استخلفه ؛ فكان كاذبا.
الوجه الخامس : فى بيان عدم أهليته : أنّ شرط الإمام أن يكون أفضل الأمة كما تقدّم بيانه ، وأبو بكر لم يكن كذلك ، ودليله قوله : «وليتكم [ولست] (٣) بخيركم ، أقيلونى» (٤) فهو لا يخلو : إما أن يكون كاذبا فى ذلك ، أو صادقا.
فإن كان كاذبا : فالكاذب لا يكون خير الأمّة.
وإن كان صادقا : فهو المطلوب.
الوجه السادس : هو أنّ شرط الإمام أن يكون أعلم الأمة كما تقدم. وأبو بكر لم يكن كذلك ، فإنه لم يكن عالما بالشّرائع ، فإنه أحرق فجاءة بالنار وهو يقول أنا مسلم. وقطع يسار يد السارق ؛ وذلك على خلاف الشرع.
__________________
(١) ورد فى تاريخ الطبرى ٣ / ٢٢٤ «وإنما أنا متبع ولست بمبتدع ، فإن استقمت فتابعونى ، وإن زغت فقومونى» ثم قال :
«ألا إن لى شيطانا يعترينى ، فإذا أتانى فاجتنبونى». قارن بمسند الإمام أحمد ١ / ١٤ ، وقد ذكر القاضى عبد الجبار فى المغنى ٢٠ / ٣٣٨ القسم الأول : هذا القول : على أنه من شبه الخصوم : فقال : «شبهة أخرى لهم : قالوا : وكيف يصلح للإمامة من يخبر عن نفسه أن له شيطانا يعتريه ، ويحذر الناس نفسه» ثم أجاب على هذه الشبهة بالتفصيل.
(٢) وقد رد الآمدي على هذه الشبهة بالتفصيل ل ٢٩٩ / ب. قارن رد القاضى عبد الجبار على هذه الشبهة فى (المغنى ٢٠ / ٣٤٣ ـ ٣٤٩ القسم الأول).
(٣) ساقط من أ.
(٤) قارن بالتمهيد للقاضى الباقلانى ص ١٩٥ وما بعدها فقد نقل القول على أنه من شبه الخصوم ورد عليه بالتفصيل.
وانظر غاية المرام للآمدى ص ٣٨٨. أما القاضى عبد الجبار فقد ذكر هذه الشبهة ورد عليها بالتفصيل.
(المغنى ٢٠ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ القسم الأول).