وروى أنه سألته جدة عن ميراثها فقال : «لا أجد لك فى كتاب الله ـ تعالى ـ ولا سنة رسوله شيئا ، ارجعى حتى أسأل الناس ؛ فأخبره المغيرة بن شعبة ، وغيره أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أعطاها السدس» (١) ، فجعله لها إلى غير ذلك ؛ وذلك دليل نقصه فى العلم بالشريعة /.
الوجه السابع : أنه قال : «وودت أنى سألت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن هذا الأمر فيمن هو ؛ فكنّا لا ننازعه أهله» (٢) ؛ وذلك منه دليل على شكّه فى استحقاقه للإمامة.
الوجه الثامن : أنّ عمر بن الخطاب مع أنه وليه ، وحميمه ، وناصره ، والمتولى للعهد من قبله ، قد نقل عنه ما يدل على ذمّه ، والإنكار عليه ، وأن بيعته وقعت لا عن أصل يبنى عليه ، وهو أدل الأشياء على ، عدم استحقاقه للإمامة.
أمّا ذمّه : فما روى عنه أنه جاءه عبد الرحمن بن أبى بكر ، يشفع فى الحطيئة (٣) الشاعر فقال : «دويبة سوء لهو خير من أبيه» (٤).
وأما إنكاره عليه ، حيث لم يقتل خالد بن الوليد (٥) ، ولم يعزله ، وقد قتل مالك بن نويرة (٦) ، وهو مسلم ، طمعا فى التزويج بامرأته لجمالها ، حتى قال له عمر : «إن وليت الأمر لأقيدنك به» (٧).
__________________
(١) قارن بما ذكره صاحب المغنى (٢٠ / ٣٥٢ ، ٣٥٣ القسم الأول) فقد ذكر هذه الشبهة ورد عليها بالتفصيل. وبما ورد فى شرح المواقف الموقف السادس ص ٣٠١.
(٢) قارن بما ذكره صاحب المغنى (٢٠ / ٣٤٠ ، ٣٤١ القسم الأول) فقد ذكر هذه الشبهة ورد عليها بالتفصيل.
(٣) الحطيئة : هو جرول بن أوس بن مالك ـ العبسى ، شاعر مخضرم أسلم ثم ارتد ، ثم تاب. قال أثناء ردته :
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا |
|
فيا لعباد الله ما لأبى بكر |
أيورثها بكر إذا مات بعده |
|
وتلك لعمر الله قاصمة الظهر |
(خزانة الأدب ١ / ٤٠٨).
(٤) قارن بما ورد فى شرح المواقف للجرجانى ـ الموقف السادس ـ ص ٣٠٢.
(٥) خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ بن المغيرة المخزومى ، القرشى سيف الله ، الفاتح الكبير والقائد العظيم ، والصحابى الجليل كان من أشراف قريش ، أسلم قبل الفتح سنة ٧ ه فسر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وولاه الخيل ، ولما ولى أبو بكر ، وجهه لقتال المرتدين ، ثم سيره إلى العراق ثم حوله إلى الشام. وكان رضي الله عنه من أعظم قواد عصره ؛ بل من أعظم قواد العالم. قال عنه أبو بكر : عجزت النساء أن يلدن مثل خالد. روى له المحدثون (١٨) حديثا ، وعن عبد الرحمن بن أبى الزناد أن خالد بن الوليد لمّا حضرته الوفاة بكى : فقال : «لقد لقيت كذا وكذا زحفا ، وما فى جسدى شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح. وها أنا أموت على فراشى حتف أنفى كما يموت العير ، فلا نامت أعين الجبناء» [صفة الصفوة ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ، الأعلام للزركلى ٢ / ٣٠٠].
(٦) مالك بن نويرة : هو أبو حنظلة مالك بن نويرة بن حمزة من بنى يربوع ، أسلم وولاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ صدقات قومه ، وفى ارتداده عن الإسلام خلاف. فيقال إنه وزع الصدقات على قومه وارتد فقتله خالد بن الوليد وتزوج امرأته [الإصابة ٣ / ٣٣٦ ، والبداية والنهاية ٦ / ٣٢٢].
(٧) قارن بما ورد فى المغنى ٢٠ / ٣٥٤ ، ٣٥٥ القسم الأول. فقد ذكر القاضى هذه الشبهة ورد عليها بالتفصيل. وقارن بشرح المواقف للجرجانى ـ الموقف السادس ص ٣٠٢ ، ٣٠٣.