ومن ذلك رجوع عثمان فى الحكم بالسّكنى ، إلى خبر فريعة بنت مالك (١).
وما اشتهر عن عليّ عليهالسلام من قبوله لخبر الواحد مع يمينه ، وقوله : «كنت إذا سمعت حديثا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفعنى الله بما شاء منه / وإذا حدثنى غيره حلفته [وإذا حلف] (٢) صدقته» (٣).
ومن ذلك رجوع أهل قباء إلى خبر الواحد فى التحوّل عن بيت المقدس ، إلى القبلة فى أثناء الصلاة (٤) ، إلى غير ذلك من الوقائع التى لا تحصى عددا.
الثانى : أنّا نعلم علما ضروريا ، بأخبار التواتر ، أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يبعث الواحد من القضاة ، والرسل ، ليبلغ الشرائع ، والأحكام ، وقبض الصدقات ؛ وذلك كتأميره أبا بكر فى الموسم سنة تسع ، وإيفاده بسورة براءة مع على ـ عليهالسلام ـ ؛ لقراءتها على أهل الموسم ، وتولية عمر على الصدقات ، إلى غير ذلك مع اتفاق الإجماع ، وأهل النقل ، أن النبي ـ عليهالسلام ـ كان يوجب على أهل الأطراف قبول ذلك واتباعه ، وإلا فلو افتقر فى ذلك ، إلى تنفيذ عدد التواتر ربما كان ذلك لا يفى بجميع الصحابة ، وتحقق ذلك مستقصى لائق بالأصول الفقهية (٥).
وإن سلمنا أن خبر الواحد ليس بحجة ، غير أن أبا بكر هو الحاكم ، ولم يعمل بخبر الواحد ؛ بل بخبر الرسول الصادق حيث سمعه عنه.
قولهم : إنه كان متهما فيه ؛ لا نسلم.
قولهم : إنه الخصم ، لا نسلم ؛ بل الحاكم ، والحاكم غير متهم.
__________________
(١) هى الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبى سعيد الخدرى ، وكان يقال لها : الفارعة شهدت بيعة الرضوان (أسد الغابة ٦ / ٢٣٥ ، الإصابة ٤ / ٣٧٥).
(٢) ساقط من أ.
(٣) قال الآمدي فى كتابه الإحكام فى أصول الأحكام ٢ / ٢٧٧ : «وأما من جهة الأثر ، ونخص مذهب من فرق بين خبر وخبر : كبعض المحدثين : فهو أن عليا ـ كرم الله وجهه قال : «ما حدثنى بحديث إلا استحلفته ، سوى أبى بكر» صدق أبا بكر ، وقطع بصدقه ، وهو واحد».
(٤) ذكر هذا الخبر بتمامه فى سنن ابن ماجة ١ / ٣٢٢ وما بعدها.
(٥) انظر الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ٢ / ٨٨ وما بعدها.