فذاك ظنى به والخير أردت ، وإن تكن الأخرى (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (١) / إلى آخره.
وأما أن الأمة من الصحابة أجمعوا على جعل ذلك طريقا فى انعقاد الإمامة ، ما تواتر من اتفاقهم على مبايعته ، وصحة إمامته ، وتصرفاته ، فى أموال المسلمين بالجمع ، والتفرقة ، ونصبه للولاة ، والحكام ، وقبول أوامره ، ونواهيه ، وطواعية الكل / / له فيما يتعلق بالأمور الدينية ، والدنيوية من غير نكير.
فإن قيل : لا نسلم إجماع الأمة على صحة العهد إليه ، فإنه قد نقل أن طلحة (٢) ـ وهو أحد العشرة ـ قال لأبى بكر : «ما ذا تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا» (٣) وذلك يدل على عدم موافقته.
ثم كيف يدّعى الإجماع على ذلك مع ما علم من حال عليّ وأتباعه إنكار ذلك ، ودعواه أن صرف ذلك الأمر عنه ظلم ، وعدوان ، وأنه المستحق له دون غيره ، كما تقدم تقريره فى إمامة أبى بكر.
والّذي يدل على عدم إجماع الأمة على ذلك : أنهم لو أجمعوا ؛ لكان أهلا للإمامة ، وهو لم يكن أهلا للإمامة وبيانه : ـ
أنه غيّر ما كان مشروعا على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وبدل كثيرا من سنته ، وكان جاهلا بالقرآن ، وعلم الشريعة ، وشاكا فى دين الإسلام ، وفى إسلام نفسه ، ومات النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو عنه غير راض ، ومن هذا شأنه لا يكون أهلا للإمامة.
أما أنه بدّل ، وغيّر ما شرعه الرسول : فمن ثلاثة عشر وجها : ـ
__________________
(١) سورة الشعراء ٢٦ / ٢٢٧.
/ / أول ١٧٥ / ب من النسخة ب.
(٢) طلحة بن عبيد الله بن عثمان ، التيمى القرشى ، أبو محمد : صحابى جليل شجاع من الأجواد ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الثمانية السابقين للإسلام ، وأحد الستة أصحاب الشورى. كان من دهاة قريش وعلمائها. ولقبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلحة الجواد ، وطلحة الخير ، وطلحة الفياض وذلك فى مناسبات مختلفة.
شهد أحدا ، وثبت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبايعه على الموت ودافع عن الرسول صلىاللهعليهوسلم حتى أصيب بأكثر من سبعين إصابة بين طعنه وضربة ورمية كما قال أبو بكر رضي الله عنه.
وكان رضى الله عنه كريما موسرا ، وكانت له تجارة وافرة مع العراق ولم يكن يدع أحدا من بنى تيم عائلا إلا كفاه مئونته ومئونة عياله ، ووفى دينه ، قتل يوم الجمل ، ودفن بالبصرة سنة ٣٦ ه. روى ثمانية وثلاثين حديثا.
[صفة الصفوة ١ / ١٢٦ ـ ١٢٨ الترجمة رقم (٦) ، وحلية الأولياء ١ / ٨٧ والأعلام للزركلى ٣ / ٢٢٩].
(٣) قارن عنه بألفاظ مختلفة : تاريخ الطبرى ٣ / ٣٢٢ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٥٥.