السابع : أنه أخبر بقوم يشربون الخمر ؛ فتسوّر عليهم ؛ فقالوا له : إنك أخطأت من ثلاثة أوجه : ـ
الأول : أن الله ـ تعالى ـ نهى عن التجسّس ؛ وقد تجسّست.
الثانى : أنك دخلت بغير إذن.
الثالث : أنك لم تسلّم (١).
وذلك كله جهل بأحكام الشرع.
وأما أنه كان شاكا ، فى دين الإسلام : فيدل عليه ما روى أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما وادع يوم الحديبية قريشا ، وكتب بينهم وبينه كتابا ، على أن من خرج من قبله إليهم لم يردوه ، ومن خرج من أهل مكة إلى النبي عليهالسلام رده إليهم ؛ فغضب عمر ، وقال لصاحبه : يزعم أنّه نبيّ ، وهو يردّ الناس ، إلى المشركين ، ثم إنه أتى النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ، فجلس بين يديه ، وقال له : ألست رسول الله حقا قال بلى ، قال : ونحن المسلمون حقا ، قال : بلى قال : فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ فقال له النبي ـ صلىاللهعليهوسلم : إنما أعمل ما يأمرنى به ربى ؛ فقال عمر يومئذ : والله ما شككت فى دين الإسلام إلا حين سمعت رسول الله يقول ذلك (٢) ، ثم إنّه قام من عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ متسخطا لأمر الله وأمر رسوله غير راض بذلك.
ثم إنه أقبل يمشى فى الناس ويؤلب على رسول الله ، ويعرّض به ، ويقول وعدنا برؤياه التى يزعم أنه رآها ، أنّه يدخل مكة ، وقد صددنا عنها ، ومنعنا منها ، ثم نحن الآن ننصرف ، وقد أعطينا الدنية فى ديننا ، والله لو أن معى أعوانا ما أعطيت الدّنيّة أبدا.
هذا وقد كان / أعطى الأعوان يوم أحد ، وقيل له : قاتل ؛ ففر بأعوانه ؛ فبلغ ذلك النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال له : إنه قد بلغنى قولك ، فأين كنتم يوم أحد ، وأنتم تصعدون ، ولا تلوون على أحد ، وأنا أدعوكم فى أخراكم (٣) ؛ وذلك كله يدل على الشك فى دين الإسلام.
وأمّا أنه كان شاكا فى إسلام / / نفسه : فيدل عليه ، ما روى عنه : «أنه سأل حذيفة بن اليمان ، وقد كان عرّفه رسول الله المنافقين ، وقال له : هل أنا من المنافقين (٤) ؛ وذلك منه شك فى إسلامه».
__________________
(١) راجع تاريخ الطبرى ٤ / ٢٠٥ ، وسنن البيهقى ٨ / ٣٣٣ ، ٣٣٤.
(٢) قارن بما ورد فى المصنف ٥ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، وانظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٠٣ وصحيح البخارى ٣ / ٢٥٦ ، وسيرة عمر ٣٧.
(٣) راجع المغازى للواقدى ٢ / ٦٠٩.
/ / أول ل ١٧٦ / ب من النسخة ب.
(٤) انظر تاريخ الإسلام للذهبى ٢ / ١٥٣.