وقوله عليه الصلاة والسلام : «عمر سراج أهل الجنة» (١).
وقوله عليه الصلاة والسلام ـ يوم بدر : «لو نزل من السماء عذاب ، لما نجا منه غير عمر» (٢) ، ولا منافاة بين هذا الخبر وبين قوله ـ تعالى ـ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٣) إذ الآية جازمة فى انتفاء العذاب عنهم ، ورسول الله فيهم ، وهو فى الخبر معلق على نزوله ، ونزوله عليهم ممتنع ، والرسول فيهم.
ومما يدل على علو رتبته ، وعظم شأنه ، وكرامته على الله ـ عزوجل ـ كما اشتهر وشاع ، وذاع ، أنه نادى وهو بالمدينة : يا سارية الجبل. وكان سارية فى فارس ؛ فسمع صوته ، وانحاز إلى الجبل» (٤).
ومن ذلك ما ظهر له من حسن السيرة ، واستقامة الأمور ، وحمل الناس على المحجة البيضاء ، واستئصال أعداء الله ـ تعالى ، وظهور كلمة الإسلام شرقا ، وغربا ، وفتح البلاد واستقرار العباد ، مع خشونته فى دين الله ، وتواضعه لعباد الله ـ تعالى ، ومن هو بهذه المنزلة من الله ورسوله ، وإجماع الأمة ، وله هذه المناقب ، والصفات ، ومتحل بهذه الفضائل ، والكمالات ، فيبعد عند العاقل إصغاؤه إلى ما قيل فى حقّه من الأكاذيب ، والالتفات إلى ما لا أصل له عند الثقات من أهل الروايات / / هذا من جهة الإجمال.
وأمّا التفصيل عمّا ذكروه :
__________________
(١) ورد فى تاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٩٣ قال السيوطى : وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «عمر سراج أهل الجنة» وأخرجه ابن عساكر من حديث أبى هريرة ، والصعب بن جثامة».
وانظر مجمع الزوائد ٩ / ٧٤ حيث قال فيه «وفيه عبد الله بن إبراهيم بن أبى عمرو الغفارى وهو ضعيف». وفى تذكرة الموضوعات للفتنى ٩٤ «وقال الصغاني : موضوع».
(٢) ورد فى شرح النهج ١٢ / ١٧٨.
(٣) سورة الأنفال ٨ / ٣٣.
(٤) خصص السيوطى فى كتابه تاريخ الخلفاء ص ٩٩ فصلا فى كرامات عمر رضي الله عنه : وما يهمنا هنا هو ما ذكره فى قصته مع سارية. فقد ذكر السيوطى ثلاث روايات ، سأكتفى بذكر واحدة منها : «أخرج البيهقى وأبو نعيم ، كلاهما فى دلائل النبوة. واللالكائى فى شرح السنة ، وابن الأعرابى فى كرامات الأولياء ، والخطيب فيما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر قال : وجه عمر جيشا ورأس عليهم رجلا يدعى سارية. فبينما عمر يخطب. جعل ينادى : يا سارية الجبل. ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش ، فسأله عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين هزمنا. فبينا نحن كذلك. إذ سمعنا صوتا ينادى : يا سارية الجبل. ثلاثا. فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ؛ فهزمهم الله.
قال : قيل لعمر : إنك كنت تصيح بذلك ، وذلك الجبل الّذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم. قال ابن حجر فى الإصابة : اسناده حسن».
/ / أول ل ١٧٧ / أمن النسخة ب.