أما تحريمه للمتعتين ، وحىّ على خير العمل ، إنما كان ؛ لأنه ظهر عنده المحرم لذلك بعد الجواز ، والمجتهد تبع لما أوجبه ظنّه.
وأما حكمه بجواز الجمع بين الطلقات الثلاث ، فلقوله ـ تعالى ـ (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) (١) نفى الحرج عند التطليق ؛ فيدخل فيه الجمع ؛ لأنه تطليق (٢).
قولهم : إنه لم يكن ذلك مسوّغا فى عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، لا نسلم ذلك. وما ذكروه من الخبر الأول فلم ينقل على ألسنة العدول ؛ وبتقدير أن ينقله العدل ؛ فهو خبر واحد ؛ فلا يقع فى مقابلة القرآن المتواتر ، وهذا هو الجواب عن الخبر / الثانى. كيف وأنه واقع فى عين يتطرق إليها الاحتمال ، ولا عموم فيها ؛ فلا تكون حجة.
وبيان تطرق الاحتمال : أنه يحتمل أنه كان قد طلقها ، وهى حائض ، أو فى طهر جامعها فيه ؛ فكان غضبه ـ عليهالسلام ـ لذلك ، لا للجمع بين الطلقات.
وأما قول ابن عباس : «أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جمع بين الظهر ، والعصر. والمغرب والعشاء من غير خوف ، ولا سفر» (٣) ، ليس فيه ما يدل على الجمع من غير عذر أصلا ؛ لجواز أنه جمع مع المطر.
وعلى هذا فلا يكون [عمر] (٤) مخالفا للرسول عليهالسلام.
قولهم : إنه وضع العطاء للمجاهدين.
قلنا : ليس فى ذلك ما يقدح فيه فإنه لم يحرم ما كان فى عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، ولا منع من تجويزه ، وما فعله لم يكن محرما ، وعدم فعله لا يدل على تحريمه ؛ بل غايته أنه ترجّح ذلك فى نظره فى زمانه ، ولم يكن ذلك راجحا فى زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ؛ فلذلك صار إليه.
قولهم : إنه اشترط الكفاءة فى فروج ذوات الأحساب ، ولم يكن ذلك معهودا على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا نسلم أنه لم يكن معهودا ، ودليله ما روى عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ٢٣٦.
(٢) قارن هذا الرد بما ورد فى الأم للإمام الشافعى ٥ / ١٦٢.
(٣) راجع ما مر فى هامش ل ٣٠١ / ب.
(٤) ساقط من (أ).