فلئن قالوا : الكفر هو الّذي يستحق عليه عقابا ، أكثر من عقاب الفسق ؛ فلا يصحّ ؛ لأن / / الفسق أعم من الكفر ؛ فكل كفر فسوق ، وليس كل فسوق كفرا.
وعند ذلك : فلا يتميز عقاب الكفر عن عقاب الفسوق.
فلئن قالوا : أعظم من عقاب الفسوق الّذي ليس بكفر ، فقد أخذوا الكفر فى حد الكفر ، وتعريف الشيء بنفسه محال.
ومن قال الإيمان هو الإقرار باللّسان لا غير ، قال : الكفر هو ترك الإقرار ؛ وهو باطل من حيث أنه يوجب الحكم بالكفر على المصدق بالله ـ تعالى ـ بقلبه ، وما جاءت به رسله مع عدم تصريحه بالإقرار لفظا ؛ لمانع يمنع منه ؛ وهو خلاف قاعدة الدين ، واجماع المسلمين.
ومن قال الإيمان هو المعرفة بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان.
قال : الكفر هو الإخلال بأحد هذه الأمور الثلاثة ، فمن لم يكن عارفا بالله ـ تعالى ـ وإن أقر باللسان ، وعمل بالأركان ؛ فهو كافر ، وكذلك من كان عارفا بالله ـ تعالى ـ ومقرا بلسانه غير أنه غير عامل بالأركان ؛ فهو كافر.
وعلى هذا النحو ـ وهو خطأ ـ فإن من كان مصدقا بالله وما جاءت به رسله ، وان أخلّ بشيء من الإيمان بالأركان ، أو بجملتها تهاونا ، وكسلا ، لا بطريق الجحود لها ؛ فإنه لا يكون كافرا.
ولهذا فإن السلف من الأمة مجمعة على أنّ مثل هذا الشّخص لو أتى بعبادة من العبادات ؛ لصحت منه ، وأنه يساهم المسلمين فى الغنيمة ، وشهود المشاهد ، وأنه يغسّل ، ويصلى عليه ، ويدفن فى مقابر المسلمين ، ولو كان كافرا ؛ لما كان كذلك بإجماع الأمة.
ومن قال الإيمان هو التصديق بالقلب بالله ـ تعالى ـ / وما جاءت به رسله قال : الكفر هو التكذيب بشيء مما جاء به الرّسول. وهذا هو اختيار الإمام الغزالى (١) ؛ وهو باطل بمن ليس بمصدق ، ولا مكذب لشيء مما جاء به الرّسول.
__________________
/ / أول ل ١٣٧ / ب.
(١) انظر قواعد العقائد ص ١٢٩. وراجع ترجمة الغزالى فيما مر فى هامش ل ١٢٢ / أمن الجزء الأول.