الفصل السادس
فى إثبات إمامة عثمان بن عفان رضى الله عنه (١)
ولا خلاف بين الناس أن عمر ـ رضي الله عنه ـ جعل الإمامة شورى فى ستة نفر ، وهم : عثمان وعليّ ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبى وقاص ، وقال : «لو كان أبو عبيدة بن الجراح فى الأحياء ؛ لما ترددت / فيه» (٢).
وإنما جعلها شورى بين السّتة المذكورين ؛ لأنه كان يراهم أفضل خلق الله فى زمانهم ، وأن الإمامة غير صالحة لمن عداهم ، وقال فى حقهم : «هؤلاء مات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو عنهم راض» (٣) ، غير أنه تردد فى التعيين ، ولم يترجح فى نظره واحد منهم على الباقين ، وأراد أن يستظهر برأى غيره فى التعيين.
ولهذا قال : «إن انقسموا اثنين فأربعة ؛ فكونوا مع الأربعة ، ميلا منه إلى الكثرة ، وأنها أغلب على الظّنّ ، وإن استووا فكونوا فى الحزب الّذي فيه عبد الرحمن بن عوف» (٤).
ولهذا فإنه لم يعيّن واحدا منهم للصلاة [عليه] (٥) ، مخافة أن يقال مال إليه ، وعيّنه ؛ بل وصّى بذلك إلى صهيب (٦) ؛ بل كان يدعو للخليفة بعده ويقول : «أوصى الخليفة بعدى بالمسلمين خيرا ، أوصيه بالمساكين.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة إلى ما ورد هاهنا يرجع إلى المراجع التالية : الإبانة للأشعرى ص ١٠٧ ، والمغنى فى أبواب التوحيد والعدل ٢٠ / ٢ / ٣٠ ـ ٥٩. والتمهيد للباقلانى ص ٢٠٨ ـ ٢٢٧. وأصول الدين للبغدادى ص ٢٨٦ ـ ٢٨٩ ، ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤٨٠.
ومن كتب المعتزلة : المغنى فى أبواب التوحيد ٢٠ / ٣٠ ـ ٥٩ من القسم الثانى ـ شرح الأصول الخمسة ص ٧٥٨.
وغاية المرام للآمدى ص ٣٩٠.
ومن كتب المتأخرين عن الآمدي : شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣١٦. وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٢١٦. وشرح العقيدة الطحاوية ص ٥٦٢ ، ٥٦٦. وتاريخ الخلفاء للسيوطى ص ١١٨ ـ ١٣١. وانظر ترجمته فى هامش ل ١٥٣ / أمن القاعدة الخامسة.
(٢) قارن هذا القول بما ورد فى طبقات ابن سعد ٣ / ٣٤٣ ، وتاريخ الطبرى ٤ / ٢١٥.
(٣) قارن هذا القول بما ورد فى تاريخ الطبرى ٤ / ٢٢٨.
(٤) انظر طبقات ابن سعد ٣ / ٦١ ، وتاريخ الطبرى ٤ / ٢٢٩.
(٥) ساقط من (أ).
(٦) صهيب : هو صهيب بن سنان بن مالك ، ولد بالموصل ، وسبته الرّوم ونشأ ببلادهم ، ثم اشتراه ابن جدعان وأعتقه. شهد المشاهد مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، ولما استشهد عمر ـ رضي الله عنه ـ صلى بالمسلمين حتى انتخبوا عثمان ـ رضي الله عنه ـ [الاستيعاب ١ / ٣١٤ ، والإصابة ٢ / ١٨٨].