ودليل ذلك ما روى عن ابن عباس أنه قال : «رأيت أمير المؤمنين عمر مفكرا ، فقلت له : يا أمير المؤمنين لو حدّثتك بما فى نفسك ، قال عمر : كنت أصدقك : فقلت : كأنك تفكر فيمن يصلح لهذا الأمر بعدك ، فقال : ما أخطأت ما فى نفسى.
فقال ابن عباس فقلت : يا أمير المؤمنين ما تقول فى عثمان؟ فقال : هو كلف بأقاربه يحمل أبناء أبى معيط ، على رقاب الناس ؛ فيحطمونهم حطم الإبل بنت الربيع ؛ فيدخل الناس من هاهنا ؛ فيقتلونه. وأشار إلى مصر ، والعراق ، والله إن فعلتم ؛ ليفعلنّ والله [إن فعل ليقتلن] (١).
قلت : فطلحة؟ قال : صاحب بأو وزهو وهذا الأمر لا يصلح لمتكبر.
قلت : فالزبير؟ قال : بخيل يظل طوال نهاره بالبقيع يحاسب به عن الصاع من التمر ، وهذا الأمر لا يصلح إلّا لمنشرح الصدر.
قلت : فسعد؟ قال : صاحب شيطان إذا غضب ، وإنسان إذا رضى ، [فمن للناس إذا غضب] (٢) ،
قلت : فعبد الرحمن بن عوف؟ قال : والله لو وزن إيمانه بإيمان الخلق لرجح ؛ لكنه ضعيف.
قلت : / فعلىّ : فصفق إحدى يديه على الأخرى فقال : هو لها ، لو لا دعابة فيه ، وو الله إن ولى هذا الأمر ليحملنّكم على المحجّة البيضاء» (٣).
ثم وإن سلمنا أنه لم يقدح فيهم ؛ ولكن لا نسلّم إجماعهم على عثمان ، وكيف يجمعون عليه ، ولم يكن أهلا للإمامة.
وبيان عدم أهليته من اثنى عشر وجها :
الأول : أنه آوى الحكم (٤) طريد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ورده ، ولم يرده رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا أبو بكر ، ولا عمر (٥).
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) المحجة البيضاء : جادة الطريق. قارن هذه الرواية مع اختلاف فى العبارة بشرح النهج ١٢ / ٢٥٩ ، ٢٦٠. والفائق فى غريب الحديث ٢ / ٤٢٥ ، ٤٢٦. ثم ارجع إلى المغنى ٢٠ / ٢ / ٢٠ ـ ٢٦ فقد تحدث صاحب المغنى عن قصة الشورى حتى تمت بيعة عثمان رضي الله عنه بالتفصيل.
(٤) الحكم : هو الحكم بن أبى العاص بن أمية ـ أسلم يوم الفتح نفاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى الطائف ، واستمر منفيا مدة خلافة أبى بكر ، وعمر فلما ولى عثمان أعاده إلى المدينة وإعطاء مائة ألف درهم (طبقات ابن سعد ٥ / ٤٤٧ ، الاستيعاب ١ / ١١٨).
(٥) قارن بالمغنى ٢٠ / ٣٩ من القسم الثانى ، والتمهيد للباقلانى ص ٢٢٣.