وللإمام ذلك بالنسبة إلى كل من أساء أدبه عليه ، وإن أفضى ذلك التأديب إلى إهلاكه ، ثم قال له ، إما أن تكفّ ، وإمّا أن تخرج إلى حيث شئت (١) ؛ فخرج إلى الربذة غير منفى ، ومات بها.
قولهم : إنه أحرق المصاحف بالنار.
قلنا : هذا من أعظم مناقبه (٢) ، حيث أنه جمع الناس على كلمة واحدة ، ومصحف واحد ، ولو لا ذلك ، لاضطرب الناس واختلفوا كل اختلاف بسبب اختلاف المصاحف ، فإنها كانت مختلفة غير متفقة.
قولهم : إنه ضرب ابن مسعود حتى كسر ضلعيه (٣).
قلنا : إن صحّ ضربه له.
فقد قيل : إنه لما أراد عثمان أن يجمع الناس على مصحف واحد ، ويرفع الاختلاف بينهم فى كتاب الله ، طلب مصحفه منه فأبى ، ذلك مع ما كان عليه من الزيادة ، والنقصان ؛ فأدّبه على ذلك.
قولهم : إنه حرمه العطاء سنتين.
قلنا : احتمل أن يكون ذلك ؛ لأنه رأى صرفه إلى من هو أولى منه ، أو أنه كان قد استغنى عنه (٤).
قولهم : إنه ضرب عمار بن ياسر حتى فتق أمعاءه.
قلنا : إنما فعل به ذلك بطريق التأديب ؛ لأنه روى أنه دخل عليه ، وأساء عليه الأدب ، وأغلظ له فى القول بما لا يجوز التجري بمثله على الأئمة ، وللإمام التأديب لمن أساء الأدب عليه ، وإن أفضى ذلك إلى هلاكه ، ولا إثم عليه ؛ لأنه وقع من ضرورة فعل ما هو جائز له.
كيف وأن ما ذكروه لازم على الشيعة ، حيث أن عليا عليهالسلام قتل أكثر الصحابة فى حربه (٥).
__________________
(١) قارن بما ورد فى التمهيد ص ٢٢٢.
(٢) قارن بما ورد فى التمهيد ص ٢٢٢.
(٣) قارن بما ورد فى التمهيد ص ٢٢١.
(٤) قارن هذا الرد بما ذكره صاحب التمهيد ص ٢٢٠.
(٥) قارن هذا الرد بما ورد فى التمهيد للباقلانى ص ٢٢٠ والمغنى فى أبواب التوحيد والعدل ٢٠ / ٥٤ من القسم الثانى.