الفصل السابع
فى إثبات إمامة على بن أبى طالب رضي الله عنه (١)
ولا يخفى أن عليا كان مستجمعا للخلال الشريفة ، والمناقب المنيفة التى ببعضها يستحق الإمامة ، وأنه اجتمع فيه من فضائل الصفات ، وأنواع الكمالات ما تفرّق فى غيره من الصحابة (٢) ، [حتى إذا قيل من أشجع الصحابة] (٣) ، وأعلمها وأعبدها ، وأزهدها ، وأفصحها ، وأسبقها إيمانا ، وأكثرها مجاهدة بين يدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأقربها نسبا ، وصهارة منه ، كان عليا ـ عليهالسلام ـ معدودا فى أول الجريدة ، وسابقا إلى كل فضيلة حميدة ، ولذلك قال فيه ربّانى هذه الأمة عبد الله بن عباس وقد سأله معاوية عنه فقال : «كان والله للقرآن تاليا ، وللشرّ قاليا ، وعن المين نائيا ، وعن المنكر ناهيا ، وعن الفحشاء ساهيا ، وبدينه عارفا ، ومن الله خائفا ، وعن الموبقات صادقا ، وبالليل قائما ، وبالنهار
__________________
(١) على بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى ، أبو الحسن أمير المؤمنين ، أول من أسلم من الصبيان ، وأحذ العشرة المبشرين بالجنة وابن عم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وصهره ، ورابع الخلفاء الراشدين أحد الشجعان الأبطال ومن أكابر الخطباء والعلماء. ولد بمكة المكرمة سنة ٢٣ قبل الهجرة ، وتربى فى بيت النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يفارقه. نام فى فراش النبي ليلة الهجرة وبقى بعده بمكة ليرد الأمانات إلى أهلها. كان اللواء بيده فى أكثر المشاهد. ولم يتخلف عن مشهد منها سوى غزوة تبوك عن سعد بن أبى وقاص قال : خلف رسول الله ، على بن أبى طالب فى غزوة تبوك فقال : يا رسول الله تخلفنى فى النساء والصبيان؟ فقال : «أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبى بعدى» أخرجاه فى الصحيحين. تولى الخلافة بعد قتل عثمان رضي الله عنه سنة ٣٥ ه وأراد بعض كبار الصحابة القبض على قتلة عثمان ، وقتلهم وكانوا فى شوكة ، وتوقى على رضي الله عنه الفتنة ؛ فتريث ؛ ولكن غضب بعض الصحابة وخرجوا عليه وحدثت الفتنة الكبرى التى فرقت المسلمين ، وأثرت فى الدولة الإسلامية ؛ وركب الموجبة الطلقاء وأصحاب الأغراض الدنيئة وجيشوا الجيوش ورفعوا قميص عثمان ؛ وهم الذين تخلوا عنه وأساءوا إليه أبلغ الإساءة ، وكانوا السبب فيما حدث له. وكان على رضي الله عنه وأبناؤه من بعده من ضحايا هذه الفتنة ، فاستشهد رضى الله عنه حيث قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادى غيلة فى السابع عشر من رمضان سنة ٤٠ ه روى رضي الله عنه (٥٨٦) حديثا) ، رحمهالله ورضى عنه.
[ابن الأثير حوادث سنة ٤٠ ه ، وصفة الصفوة ١ / ١١٦ ـ ١٢٦ ترجمة رقم (٥) ، والإصابة الترجمة رقم ٥٦٩٠ والأعلام ٤ / ٢٩٥ ، ٢٩٦].
(٢) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا : انظر : التمهيد للباقلانى ص ٢٢٧ وما بعدها ، وأصول الدين للبغدادى ص ٢٨١ وما بعدها ونهاية الأقدام ص ٤٨٠ وما بعدها ، والفصل فى الملل والأهواء والنحل لابن حزم ٤ / ١٤٩ وما بعدها والمعتمد فى أصول الدين ص ٢٣١ ، والإرشاد للجوينى ٢٤١ وما بعدها. والمحصل للرازى ص ٥٧٣ وما بعدها ، والمغنى ٢٠ / ١ ، ٢ فى مواضع عدة. شرح الأصول الخمسة ص ٧٤٩ وما بعدها ، غاية المرام ص ٣٦٣ وما بعدها. والمواقف للآيجى ص ٣٩٥ ـ ٤١٤ وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٧٦ ـ ٣٣٧.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٩٩ وما بعدها.
(٣) ساقط من (أ).