قولهم : إن الخوارج كفّرته بتحكيمه للرجال.
قلنا : لا نسلم أن ذلك موجب للتكفير ، وقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١) لا نسلم العموم فى صيغة من وما ، على ما عرف من أصلنا.
سلمنا العموم فيها ، ولكن غاية الآية الدلالة على تكفير من لم يحكم بما أنزل الله ، ولم يثبت أن عليا ، لم يحكم بما أنزل الله ؛ بل غايته أنه حكّم ، ولا يلزم من التحكيم الحكم ، ولا عدم الحكم بما لم ينزل الله ؛ ليكون كافرا.
قولهم : لا نسلم إجماع الأمة على إمامته.
قلنا : دليله ما سبق.
قولهم : إن طلحة ، والزبير تخلفا عن بيعته ، وأنهما لم يبايعاه إلا كرها ، ليس كذلك ؛ بل إنما بايعاه طوعا ، وما ذكروه فى الدلالة على الكراهية ، فمن أكاذيب كتب السير ، والتواريخ / التى لا ثبت لها عند المحققين (٢).
قولهم : إنهما قاتلاه ، وخرجا عليه.
قلنا : أمكن أن يكون ذلك لا لبطلان إمامته ؛ بل لظنهما أنه كان متمكنا من قتل قتلة عثمان ، ولم يقتلهم ، وظنّا باجتهادهما أن ذلك ممّا يسوغ قتاله ، والخروج عليه ، وهما مخطئان فيه ، ولهذا نقل عنهما ، أنهما تابا عن ذلك قبل قتلهما.
قولهم : إن جماعة من سادات الصحابة لم يعاضدوه ، ولم ينصروه كعبد الله بن عمر ، وسعد ، وغيرهما.
قلنا : لم يتركوا ذلك ، لاعتقادهم أنه ليس بإمام ؛ بل لأنهم استعفوه من الخروج معه ، لضعف كان بهم ، وعلم عليّ ـ عليهالسلام ـ ضعفهم عن ذلك ، فأعفاهم منه. وأيضا : فإنهم كانوا مجتهدين ، وقد غلب على ظنونهم جواز التخلف عنه ، خوف الوقوع فى الفتنة ؛ لما روى سعد عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «ستكون فتنة القاعد فيها ، خير من
__________________
(١) سورة المائدة ٥ / ٤٤.
(٢) قارن ما ورد هاهنا بما ورد فى التمهيد للباقلانى ص ٢٣١ وما بعدها. والفصل ٤ / ١٥٧ وما بعدها.