الفصل الثامن
فى التفضيل
أما الصحابة فقد اختلف فيهم ، فذهب أهل السنة ، وأصحاب الحديث : إلى أن أبا بكر ، أفضل من عمر ، وعمر أفضل من عثمان ، وعثمان أفضل من على وعلى أفضل من باقى العشرة ، والعشرة أفضل من باقى الصحابة ، والصحابة أفضل من التابعين ، والتابعين أفضل ممن بعدهم لقوله ـ عليهالسلام ـ : «خير القرون القرن الّذي أنا فيه ، ثم الّذي يليه ، ثم الّذي يليه» (١).
وقال الروافض : عليّ ـ عليهالسلام ـ أفضل الصحابة (٢) ، وزادوا على ذلك وقالوا : إنه أفضل من النبيين بعد رسول الله (٣).
ومن أصحابنا من قال :
إن قلنا إنه تصح إمامة المفضول مع وجود الفاضل ؛ فلا سبيل إلى القطع بتفضيل البعض على البعض (٤).
وإن قلنا : إنه لا تصح / إمامة المفضول مع وجود الفاضل ؛ فأبو بكر أفضل من باقى الصحابة لانعقاد الإجماع على صحة إمامته ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم عليّ عليهمالسلام.
والّذي عليه اعتماد الأفاضل من أصحابنا : أنه لا طريق إلى التفضيل بمسلك قطعى ، وأما المسالك الظنية فمتعارضة ، وقد يظهر بعضها فى نظر [بعض] (٥) المجتهدين ، وقد لا يظهر ، وقبل الخوض فى تحقيق الحق ، وإبطال الباطل ، لا بدّ من تحقيق معنى الأفضلية ؛ ليكون التوارد بالنفى ، والإثبات على محز واحد.
__________________
(١) ورد فى صحيح البخارى ٤ / ٣٢ بلفظ مقارب «خير أمتى قرنى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم». وقارن به صحيح مسلم ٧ / ١٨٤ ، ١٨٥ وسنن أبى داود ٢ / ٢٦٥.
(٢) انظر رأى الشيعة فى المغنى ٢٠ / ٢ / ١٢٢ ، ١٢٣.
(٣) القائلون بتفضيل الإمام على ـ كرم الله وجهه ـ على النبيين بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هم الإسماعيلية.
(٤) خصص صاحب المواقف المقصد السادس لهذا الرأى فقال : المقصد السادس : فى إمامة المفضول مع وجود
الفاضل. وتحدث عن الآراء فيها بالتفصيل (شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٣١) وانظر هذا الرأى فى الإرشاد للإمام الجوينى ص ٢٤٢ والاقتصاد فى الاعتقاد للإمام الغزالى ص ٢١٩.
(٥) ساقط من ب.