الفصل الثالث
فى أن العاصى من أهل القبلة
هل هو كافر ، أم لا؟
وقد اختلف المسلمون فى ذلك.
فذهبت المرجئة (١) : إلى أن مقارف الكبيرة مؤمن وليس بكافر ، وهل يسمى فاسقا ، اختلفوا فيه.
فمنهم من قال : إنه ليس بفاسق أيضا. وأن الإيمان بالله ـ تعالى ـ يمحص كل ذم ، ولائمة ، والوصف بالفسق من أعظم وجوه الذّم ، واللّوم.
ومنهم من قال : إنه يسمّى فاسقا.
ومنهم من فصل وقال : يسمى فاسقا ما دام ملابسا لكبيرة ؛ ولا يسمى بذلك بعد تصرّمها.
ومنهم من قال بتسميته فاسقا فى الدنيا ، دون الأخرى ، وسواء تاب عنها ، أو لم يتب.
واختلفوا فى جواز الارتداد عليه : فمنهم من جوزه ، ومنهم من منعه.
وأما الخوارج (٢) : فلقد اتفقوا على أن مقارف الكبيرة كافر ؛ لكن اختلفوا. فذهبت البكرية منهم إلى أنه منافق ، وهو أشد من الكافر ، وقد نقل هذا المذهب عن الحسن البصرى أيضا.
وذهبت طائفة منهم إلى أنه كافر ، لا بمعنى أنه مشرك ؛ بل بمعنى أنه كافر بأنعم الله ـ تعالى ـ غير مؤد لشكره.
__________________
(١) عن المرجئة وفرقها ورأيهم فى هذا المسألة بالتفصيل راجع ما سيأتى فى الفصل الرابع من هذه القاعدة ل ٢٥٤ / ب وما يأتى بعدها.
(٢) عن الخوارج وفرقهم ورأيهم فى هذه المسألة بالتفصيل انظر ما سيأتى فى الفصل الرابع من هذه القاعدة ل ٢٥٢ / أوما يأتى بعدها.