فإن كان الأول : فهو ممتنع ؛ لأنّ الإجماع إذا انعقد على إمامة شخص ، ولم يظهر منه ما يوجد حلّ قتاله ، وقتله ؛ فالخارج عليه يكون مخطئا خطا ظاهرا ، وعثمان ، وعليّ ـ رضى الله عنهما ـ بهذه المثابة ؛ فكان الخارج عليهما مخطئا (١).
وإن كان الثانى : فهو حق ، ولا بأس به ؛ بل وهو الأولى ، فإن السكوت عمّا لا يلزم الكلام فيه ، أولى من الخوض فيه ، وأبعد عن الزلل ، وبهذا قال بعض المعتبرين من الأوائل (٢) «تلك دماء / / طهّر الله سيوفنا منها ، أفلا نطهّر ألسنتنا».
وأما تخطئة الفريقين ؛ فممتنع ؛ لما حققناه من انعقاد الإجماع على صحة إمامة الإمام ، مع عدم ظهور ما يقتضي تخطئته ، وبه يظهر فساد قول من قال بتخطئة أحد الفريقين لا بعينه ، فلم يبق إلا تخطئة أحدهما بعينه ؛ وهو الخارج على الإمام.
ثم لا يخلو إما أن يكون الخارج على الإمام مجتهدا متأولا ، [أولا] (٣).
فإن كان الأول : فالظاهر أن خطأه لا ينتهى إلى التفسيق ؛ لأنه مجتهد ، والمخطئ فى المجتهدات ظاهرا ؛ لا يكون فاسقا.
وإن كان الثانى : فلا خلاف فى فسقه ، والله أعلم.
__________________
(١) قارن به أصول الدين للبغدادى ص ٢٨٩ ، والإرشاد للجوينى ص ٢٤٢ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٣٤.
(٢) نسب صاحب شرح المواقف الشريف الجرجانى هذا القول للإمام الشافعى رحمهالله ـ فقال : «قال الشافعى وغيره من السلف (تلك دماء طهّر الله عنها أيدينا ، فلنطهر عنها ألسنتنا». (شرح المواقف ٦ / ٣٣٣).
/ / أول ل ١٨٢ / أ.
(٣) ساقط من أ.