الفصل الأول
فى وجوب الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر
وقد اختلف أهل الإسلام فى ذلك.
فذهب (١) بعض الروافض : إلى أن ذلك لا يجب ، ولا يجوز إلا بأمر الإمام العدل واستنابته كما فى إقامة الحدود.
وذهب من عداهم : إلى وجوبه سواء أمر به الإمام ، أم لم يأمر ثم اختلف هؤلاء.
فذهبت الأشاعرة ، وأهل السنة : إلى وجوبه شرعا (٢) ، لا عقلا.
وذهب الجبّائى وابنه : إلى وجوبه عقلا (٣) ؛ لكن اختلفا.
فقال الجبّائى : بوجوبه مطلقا فيما يدرك حسنه ، وقبحه عقلا.
وقال أبو هاشم : إن تضمّن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر دفع ضرر عن الآمر ، والنّاهى وكان بحيث لا يندفع عنه إلا بذلك ؛ فهو واجب وإلا فلا.
وأما أنه لا يتوقف على استنابة الإمام : فقد احتج عليه أهل الحق بالإجماع من الصحابة.
ودليله : أنّا نعلم علما ضروريا بنقل التواتر أنّ الصحابة ـ رضى الله عنهم ـ بعد موت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يزل أفرادهم ، وآحادهم يستقل بالأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر من غير توقف على إذن الإمام ، وأمره فى ذلك.
وكان ذلك شائعا ذائعا فيما بينهم ، ولم يوجد له نكير ؛ فكان ذلك إجماعا منهم على جوازه.
فإنه لو لم يكن جائزا ؛ لكان فعله منكرا.
__________________
(١) نقل شارح المواقف عن الآمدي من أول قوله : ذهب بعض الروافض واعتمد عليه انظر شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٣٣٥ وما بعدها.
(٢) الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عند الأشاعرة من الفروع أما المعتزلة فيعتبرونه من الأصول ؛ فهو الأصل الخامس عندهم (انظر شرح الأصول الخمسة ص ٧٣٩ وما بعدها).
(٣) انظر شرح الأصول الخمسة ص ٧٤٢.