ومع شيوعه فالعادة تحيل من الأمة تواطئهم على عدم إنكاره ولو وقع الإنكار لاستحال فى العادة أن لا ينقل مع توفّر الدواعى على نقله وحيث لم ينقل دل على أنه لم يقع وقد استقصينا تقرير ذلك ودفع كل ما يرد عليه من الإشكالات فى كتاب شرح الجدل (١) وغيره من كتبنا.
وعلى هذا لم يزل الناس فى كل عصر وزمان إلى وقتنا هذا.
وأما أنه واجب : فدليله الإجماع ، والنصوص.
أما الإجماع : فهو أن القائل قائلان :
قائل يقول : بالوجوب مطلقا من غير / توقف على استنابة الإمام. وقائل يقول بالوجوب متوقفا على استنابة الإمام.
فقد وقع الإجماع على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر فى الجملة. وإذا بطل بالدّليل توقف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على استنابة الإمام بقى الإجماع على الوجوب بحاله.
وأما النصوص : فمن جهة الكتاب والسنة.
أما الكتاب : فقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (٢).
أمرنا بالإصلاح وبإزالة [المنكر] (٣) وهو البغى ، والأمر ظاهر فى الوجوب.
أما أنه أمر فلأنه أتى بصيغة أفعل وهى إذا تجردت عن القرائن كانت بإطلاقها أمرا.
ولهذا فإنه إذا قال : السيد لعبده افعل كذا فإنه بتقدير تجرّد هذه الصيغة عن القرائن يعدها أهل العرف أمرا.
__________________
(١) كتاب شرح الجدل : عبارة عن شرح لكتاب الجدل للشريف المراغى. وهو أحد الكتب التى اهتم بها الآمدي فى مبدأ حياته الدراسية ببغداد ؛ حيث تتفق معظم المراجع على حفظه له ؛ لأنه كان من أهم المؤلفات فى هذا الفن. والآمدي يعتز بهذا الشرح ؛ لأنه كما يظهر لى يمثل المحاولة الأولى له فى عالم التأليف ؛ فكثيرا ما يذكره فى الأبكار محيلا عليه كما حدث فى هذه الإحالة.
[انظر رسالتى للدكتوراه عن الآمدي ص ٨٩ بكلية أصول الدين بالقاهرة].
(٢) سورة الحجرات ٤٩ / ٩.
(٣) ساقط من أ.