الفصل الثانى
فيمن يجب عليه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ومن لا
يجب عليه
واعلم أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب على كل مكلف عالم بأن ما يأمر به معروف ، وينهى عن منكر واجب قطعا إذا لم يقم به غيره وكان يرجى حصول ما أمر به ، وزوال ما نهى عنه من غير بحث ، وتجسس وإلا فلا. وفيه قيود سبعة :
الأول : أن يكون مكلفا : أى أهلا لخطاب التكليف ؛ وذلك لأن الوجوب من الأحكام الثابتة بخطاب التكليف ؛ والتكليف لغير من له أهلية التكليف محال ، كما فى الحيوانات العجماوات والصبيان والمجانين.
الثانى : أن يكون عالما بأن ما يأمر به معروفا أو ينهى عنه منكرا ، وإلا كان مكلفا بما لا يعلمه ؛ وهو تكليف بما لا يطاق.
وليس من شرطه أن يكون فقهيا عالما ؛ فإن من المعروف والمنكر ما يستقل بمعرفته الخواص والعوام كوجوب الصلاة ، وصوم رمضان مع عدم العذر / وحرمة الزنا والقتل عمدا عدوانا.
فالعامى يجب عليه فى ذلك ما يجب على الفقيه ؛ لاستوائهما فى معرفة كون ذلك الشيء معروفا ، ومنكرا.
وأما ما لا يستقل بمعرفة كونه معروفا ، ومنكرا غير الفقيه ؛ فلا يجب الأمر به ، والنهى عنه على غير الفقيه.
ولا يشترط فيه أيضا أن يكون عدلا ؛ بل يجب عليه وإن كان فاسقا حتى أنه يجب على متعاطى الكأس النهى عنه للجلّاس ؛ وذلك لأن النهى عن المنكر واجب ، والانكفاف عن المحرم واجب.
والإخلال بفعل أحد الواجبين ؛ لا يمنع من وجوب فعل الواجب الآخر ؛ فإنه لو كان عدلا كان أولى نظرا إلى غلبة امضاء أمره ونهيه إلى المقصود وعلى حسب