وأما الحكم : فهو أنّه تصح صلاته ، وزكاته ، وكل ما يأتى به من العبادات بالإجماع من المسلمين ، ولو كان كافرا ؛ لما صحت عبادته.
فإن قيل : الدليل على أن مرتكب الكبيرة منافق بالنص ، والمعقول :
أما النص : فمن جهة الكتاب ، والسنة.
وأما الكتاب : فقوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) إلى قوله تعالى (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) (١)
ووجه الاستدلال بالآية أنه ـ تعالى ـ وصف من نقض عهد الله بالنفاق ، وأيضا قوله تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢) دلّ على أن غير المنافق ؛ لا يكون فاسقا حيث أنه ذكر الفاسقين بصيغة الجمع المعرّف ، وهى لحصر الجهة فى المبتدأ ، ومرتكب الكبيرة فاسق. فلو لم يكن منافقا ، لكان من ليس / بمنافق ، فاسقا ، وهو خلاف ظاهر الآية.
وأما السّنة : فما روى عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «علامة المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا ائتمن خان ، وإذا وعد أخلف» (٣) ، وهو تصريح بأن من صدرت عنه هذه الخصال ، منافق.
وأما المعقول : فهو أنّ من وقر الإيمان بالله ـ تعالى ـ فى صدره ، وصدّق بوعده ووعيده ، وثوابه على الطاعة ، وعقابه على المعصية ، وعلم أنّ عذاب لحظة من عذاب الآخرة ، يزيد بأضعاف مضاعفة على نعيم الدّنيا ؛ فيعلم أنه لا يفعل لمقتضى نقيض ما يعلمه ، فإذا رأينا شخصا منهمكا على المعاصى ، متماديا على ارتكاب حرمات الله ـ تعالى ـ ؛ فنعلم أنه ما وقر الإيمان فى صدره ، وأنه غير مصدق بوعد الله ، ووعيده ؛ فلا يكون مؤمنا حقا ، وإن كان متشبها بالمؤمنين ؛ فيكون منافقا ، وان سلمنا أنه غير منافق ولكنّه كافر. ويدل عليه النص من الكتاب ، والسنة : ـ
__________________
(١) سورة التوبة ٩ / ٧٥ ـ ٧٧.
(٢) سورة التوبة ٩ / ٦٧.
(٣) رواه الإمام مسلم فى صحيحه (كتاب الايمان ـ باب خصال المنافق ٢ / ٤٧ عن أبى هريرة رضى الله عنه ونصه «علامات المنافق ثلاثة : إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان».