بِها تُكَذِّبُونَ) (١) ومرتكب الكبيرة ممن تخفّ موازينه ؛ فيكون مكذبا والمكذّب كافر ، وقوله ـ تعالى ـ (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢) ووجه الاحتجاج به كما سبق فى الآية الأولى.
وقوله ـ تعالى ـ (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٣) والفاسق ييأس من روح الله ؛ فيكون كافرا ، إلى غير ذلك من الآيات التى سبق ذكرها.
وأما السنة : فقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر» (٤) ، وقوله عليهالسلام ـ «بين العبد والكفر ترك الصلاة» (٥) ، وقوله عليهالسلام / : من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا» (٦) ، وقوله ـ عليهالسلام ـ «لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن» (٧).
والجواب عن الآية الأولى : أنّه ليس فيها ، ما يدل على مذهب الخصم.
فإنّ مذهبه أن مرتكب الكبيرة حالة ارتكابه لها ، منافق ، والآية دالة على تعقب النفاق ؛ لنقض العهد ، واخلاف الوعد ، والمتعقب للشيء ؛ لا يكون حالة وقوع الشيء ، وقوله تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٨) دليل على أنّ كل منافق فاسق ، ولا ينعكس ؛ فلا يلزم أن يكون كل فاسق منافقا.
قولهم : إنه ذكر الفاسقين بصيغة الجمع المعرف ، وهى تحصر الخبر فى المبتدأ ؛ فهو مبنى على جوب صيغة العموم ، وهو غير مسلم ؛ على ما عرف من أصلنا.
وإن سلّمنا أن صيغة الجمع المعرف للتعميم ، غير أن الفسق ينقسم إلى : كامل : وهو فسق النفاق ، وإلى ما هو دونه : كفسق غير النفاق.
__________________
(١) سورة المؤمنين ٢٣ / ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٢) سورة النور ٢٤ / ٥٥.
(٣) سورة يوسف ١٢ / ٨٧.
(٤) اخرجه ابن ماجه فى سننه ـ عن أبى الدرداء ـ رضى الله عنه (كتاب الفتن باب الصبر على البلاء) ١ / ١٣٣٥ بلفظ مقارب.
(٥) أخرجه مسلم فى صحيحه (كتاب الايمان ـ باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة). ٢ / ٦٩ عن جابر ابن عبد الله قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة».
(٦) الحديث سبق تخريجه فى هامش ل ٢٣٧ / ب.
(٧) الحديث متفق عليه رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما. البخارى فى الحدود ـ باب الزنا وشرب الخمر ١٢ / ٥٠ ؛ ومسلم رقم ٥٧ فى الإيمان باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ، ونفيه عن المتلبس بالمعصية. كما رواه أبو داود (رقم ٤٦٨٩) فى السنة ـ باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه.
(٨) سورة التوبة ٩ / ٦٧.