وكاختلافهم بعد ذلك فى موته ، حتى قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : «من قال إنّ محمدا قد مات علوته بسيفى هذا ، وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم» ، وقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : «من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد إله محمد فإنّه حىّ لا يموت» (١) ، وقرأ قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) (٢) .. الآية ؛ فرجع القوم إلى قوله.
وكاختلافهم بعد ذلك فى موضع دفنه بمكة ، أو المدينة ، أو القدس (٣) ، ثم فى الإمامة حتى قال الأنصار للمهاجرين منا أمير ، ومنكم أمير (٤) ، ثم فى حرمان الميراث عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما خلفه من فدك (٥) ، ودعوى فاطمة لذلك ، ودفعها عن الميراث بما روى عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه ، فهو صدقة (٦).
ثم بعد ذلك فى قتال ما نعى الزكاة حتى قال عمر ـ رضي الله عنه ـ كيف نقاتلهم وقد قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الله ، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم» (٧) / فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : «أليس قد قال : «إلا بحقها» ومن حقها إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ثم قال : لو منعونى عقالا مما أدوه إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لقاتلتهم عليه ، ولو بابنتى هاتين (٨).
ثم اختلافهم بعد ذلك فى تنصيص أبى بكر على عمر بالخلافة (٩).
ثم بعد ذلك فى أمر الشورى (١٠) ، حتى استقر الأمر على عثمان.
__________________
(١) قارن بما ورد فى الملل ١ / ٢٣ ، وتذييل شرح المواقف ص ٢ والحديث أخرجه ابن سعد فى الطبقات الكبرى ٢ / ٢٦٦ وما بعدها.
(٢) سورة آل عمران ٣ / ١٤٤.
(٣) انتهى الخلاف فى الموضع الّذي يدفن فيه الرسول ـ عليهالسلام ـ عند ما ذكروا بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأنبياء يدفنون حيث يموتون». والّذي ذكرهم به أبو بكر رضي الله عنه.
(٤) وقد انتهى الخلاف فى الإمامة بعد أن ذكرهم أبو بكر رضي الله عنه بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الأئمة من قريش».
(٥) فدك : قرية شمال المدينة المنورة ، كانت لليهود ، ولما انهزم يهود خيبر ؛ سلم يهود فدك قريتهم للنبى صلىاللهعليهوسلم بدون قتال ، وكانت فيئا له ينفق منها على نفسه ، وعلى بنى هاشم.
(٦) الحديث فى صحيح البخارى ٦ / ٢٢٧ كتاب فرض الخمس ـ عن عائشة رضي الله عنها «أنّ فاطمة عليهاالسلام ابنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مما أفاء الله عليه» [الحديث ٣٠٩٢].
[٣٠٩٣] فقال لها أبو بكر : إن رسول الله [صلىاللهعليهوسلم] قال : لا نورث. ما تركناه صدقة» فغضبت فاطمة بنت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهجرت أبا بكرك فلم تزل مهاجرته ، حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ستة أشهر ، قالت : وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من خيبر ، وفدك ، وصدقته بالمدينة ؛ فأبى أبو بكر عليها ذلك».
(٧) متفق علي صحته رواه البخارى ومسلم.
(٨) انظر ما سيأتى فى قاعدة الإمامة ل ٢٩٧ / أ.
(٩) انظر ما سيأتى فى قاعدة الإمامة ل ٣٠١ / أوما بعدها.
(١٠) انظر ما سيأتى فى قاعدة الإمامة ل ٣٠٦ / أوما بعدها.