الفرقة الرابعة : النّظّاميّة (١) :
أصحاب إبراهيم بن سيار النّظام (٢). ومن مذهبهم أن الله ـ تعالى ـ لا يوصف بالقدرة على الشرور ، وأنه لا يقدر أن يفعل بعباده فى الدنيا ما لا صلاح لهم فيه ، ولا أن يزيد فى عذاب أهل النار شيئا ، ولا ينقص منه ، وكذلك نعيم أهل الجنة ، وأن معنى كون البارئ مريدا لأفعاله ، أنه خالقها ، مريدا ولأفعال العباد ، أنه أمر بها ، وأن الإنسان فى الحقيقة الروح ، والبدن آلتها ، وأن الطعوم ، والروائح ، والأصوات ، والألوان أجسام ، وأن الجوهر مؤلف من الأعراض ، وأن العلم مثل الجهل ، والكفر مثل الإيمان ، وأن الله ـ تعالى ـ خلق جميع المخلوقات دفعة واحدة ، وأنه لم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده وإنما التقدم والتأخر فى الكمون (٣) ، والظهور ، وأن نظم القرآن ليس بمعجز ، وأن العباد قادرون على الإتيان بمثل القرآن وأفصح منه ، وأن التواتر الّذي لا يحصى عددا يجوز أن يكون كذبا ، وأن الإجماع ، والقياس ليس بحجة.
وقالوا بالطفرة (٤). والميل إلى الرفض ، وأن الإمامة لا تكون إلا (٥) بالنص ، وأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ / نصّ على عليّ غير أن عمر كتم ذلك. وأن من خان فيما دون الزكاة ، أو ظلم به أنه / / لا يفسق ، وكل هذه الأقاويل فقد سبق إبطالها.
__________________
(١) انظر فى شأن هذه الفرقة بالإضافة لما ورد هاهنا.
الملل والنحل للشهرستانى ١ / ٥٣ وما بعدها والفرق بين الفرق للبغدادى ص ١٣١ وما بعدها واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازى ص ٤١ والتبصير فى الدين ص ٤٣. وشرح المواقف (التذييل ص ٩.
(٢) هو أبو إسحاق : إبراهيم بن سيار المعروف بالنّظام وهو شيخ النّظامية وهو ابن أخت أبى الهذيل العلاف. كما كان شيخا للجاحظ ، اطلع على كتب الفلاسفة ، وخلط كلامهم بكلام المعتزلة ، وهو معدود من أذكياء المعتزلة ، وذوى النباهة فيهم توفى ما بين سنة ٢٢١ ه وسنة ٢٣١ ه.
ا طبقات المعتزلة ص ٤٩ وما بعدها والعبر ١ / ٣١٥ والأعلام ١٠ / ٣٦].
(٣) نظرية الكمون ، والظهور قال بها الفلاسفة الطبيعيون وقال بها النّظام أيضا : فمن مذهبه : أن الله ـ تعالى ـ خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هى عليه الآن معادن ، ونباتا ، وحيوانا ، وإنسانا ، ولم يتقدم خلق آدم عليهالسلام على خلق أولاده ، غير أن الله ـ تعالى ـ أكمن بعضها فى بعض ؛ فالتقدم والتأخر ، إنما يقع فى ظهورها من مكامنها ، دون حدوثها ، ووجودها. (الملل والنحل ١ / ٥٦).
(٤) الطفرة بمعنى الوثبة : أى أن الجسم الواحد يمكن أن يكون فى مكان ثم يصير إلى مكان ثالث ، دون أن يمر بالثانى ، وقد أحدث هذا القول النظام. وقد خالفه أكثر المتكلمين ، وردوا عليه.
انظر ما مر من أبكار الأفكار ل ٥٩ / ب وما بعدها من القاعدة الرابعة ـ الجزء الثانى ـ والملل والنحل للشهرستانى ١ / ٥٥ ، ٥٦.
(٥) مال النظام إلى قول الرافضة ، وطعن فى كبار الصحابة وقال إن الإمامة بالنص ، والتعيين ، وقد نص الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على علي ـ رضي الله عنه ـ فى مواضع ، وأظهره إظهارا لم يشتبه على الجماعة إلا أن عمر كتم ذلك ، وهو الّذي تولى البيعة لأبى بكر يوم السقيفة وطعن فى الإمامة عمر ـ وقال عنه أشياء لا تصح. (الملل والنحل ١ / ٥٧).
/ / أول ل ١٣٩ / أمن النسخة ب.