الفرقة الثامنة : البشرية (١) :
أصحاب بشر بن المعتمر (٢) ومن مذهبهم أن الألوان ، والطعوم ، والإدراكات ، وغير ذلك من الأعراض ، يجوز أن تقع متولدة فى الجسم من فعل الغير ، وأن الاستطاعة هى سلامة البنية ، وصحة الجوارح ، وتعريها عن الآفات ، وقد سبق إبطال ذلك ، وقالوا أيضا إن الله ـ تعالى ـ قادر على تعذيب الطفل ظلما له ، وأنه لو فعل ذلك ؛ لكان الطفل عاقلا ، بالغا ، عاصيا ، مستحقا للعقاب ، وكأنه يقول إن الله ـ تعالى ـ يقدر أن يظلم ، ولو ظلم لكان عادلا ؛ وهو فى غاية التناقض.
الفرقة التاسعة : المردارية (٣) :
أصحاب عيسى بن صبيح (٤) المكنى بأبى موسى المردار وهو تلميذ بشر بن المعتمر ، ومن مذهبهم أن الله تعالى قادر أن يكذب ويظلم ، ولو كذب وظلم ، لكان إلها كاذبا وظالما [(٥) تعالى الله وتقدست ذاته العلية عما يقولون علوا كبيرا (٥)] وأنه يجوز وقوع فعل من فاعلين بطريق التولد.
وأن الناس قادرون على مثل القرآن ، وأحسن منه نظما ، وأن من لابس السلطان ، كافر لا يرث ، ولا يورث منه (٦) وأن من قال برؤية الله ـ تعالى ـ وأن أفعال العباد مخلوقة لله ـ تعالى ؛ كافر ؛ وكل ذلك باطل بما سبق.
__________________
(١) البشرية : لمزيد من البحث والدراسة عن البشرية : انظر الملل والنحل ١ / ٦٤ ، ٦٥ ، والفرق بين الفرق ص ١٥٦ وما بعدها. والتبصير فى الدين ص ٤٥ ، ٤٦ ، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ٤٢. وشرح المواقف (تذييل) ص ١٢.
(٢) بشر بن المعتمر البغدادى (أبو سهل) الهلالى من أهل بغداد ويقال : بل من أهل الكوفة. كان رئيسا لمعتزلة بغداد فى عصره وكان شاعرا ، وله قصيدة أربعون ألف بيت ردّ فيها على المخالفين اختلف فى تاريخ وفاته : فقيل مات ببغداد سنة ٢١٠ ه ، وقيل سنة ٢٢٦ ه (طبقات المعتزلة ص ٥٢ ـ ٥٤ ، الأعلام ٢ / ٢٨).
(٣) المردارية : لمزيد من البحث والدراسة عن هذه الفرقة : انظر الملل والنحل للشهرستانى ١ / ٦٨ وما بعدها. والفرق بين الفرق للبغدادى ص ١٦٤ وما بعدها. والتبصير فى الدين للأسفراييني ص ٤٧. واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازى ص ٤٢ ، وشرح المواقف (تذييل) ص ١٣.
(٤) هو أبو موسى : عيسى بن صبيح ، ولقبه المردار. يلقب براهب المعتزلة أخذ الاعتزال عن بشر بن المعتمر ، وهو من رجال الطبقة السابعة من المعتزلة وعنه انتشر الاعتزال ببغداد توفى حوالى سنة ٢٢٦ ه. (المنية والأمل ص ٣٩ ، والتبصير فى الدين ص ٤٧).
(٥) إضافة من الهامش رأيت من الواجب إضافتها.
(٦) (منه) ساقط من ب.