وأن الاستطاعة سلامة الجوارح عن الآفات ، وأن من لا يعلم خالقه من الكفار ؛ فهو معذور ، وإن المعارف كلها ضرورية ، ولا فعل للإنسان غير الإرادة ، وما عداها فهو حادث ، ولا محدث له ، وأن العالم من فعل الله ـ تعالى ـ بطبعه.
وما ذكروه من أن الأفعال المتولدة لا فاعل لها ؛ وأن المعرفة متولدة عن النظر ؛ فمبنى على القول بالتولد ؛ وقد أبطلناه (١) ، وأبطلنا أيضا القول بالوجوب قبل ورود الشرع (٢).
وقولهم : إن الكفار لا يدخلون جنة ، ولا نارا ، فهو أيضا خلاف إجماع السلف وما وردت به النصوص من تعذيب الكفار ، وخلودهم فى النار ، وما ذكروه فى الاستطاعة ؛ فقد أبطلناه أيضا.
وقولهم : إن من لا يعلم خالقه ؛ فهو معذور ؛ فسيأتى إبطاله.
وقولهم : بحدوث حوادث لا محدث لها ، وأن العالم من فعل الله ـ تعالى ـ بطبعه ؛ فقد أبطلناه.
الفرقة السادسة عشرة : الخياطية (٣) :
أصحاب أبى الحسين بن أبى عمرو الخياط (٤) ومن مذهبهم ، القول بالقدر وتسمية المعدوم شيئا ، وجوهرا ، أو عرضا ، وأن معنى كون الرب ـ تعالى ـ مريدا ، أنه قادر غير مكره ، ولا كاره ، وإن قيل له إنه مريد لأفعال نفسه ، فمعناه أنه خالق لها ، ولأفعال العباد أنه آمر بها.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ل ٢٧٢ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ل ١٨٤ / ب وما بعدها.
(٣) عن فرقة الخيّاطية : انظر الملل والنحل ١ / ٧٦ وما بعدها وقد ذكر معها الشهرستانى الكعبة ، وعدهما فرقة واحدة ، فقال : الحادية عشرة : الخياطية والكعبية. والفرق بين الفرق للبغدادى ص ١٧٩ ، ١٨٠.
وشرح المواقف ـ التذييل ـ ص ١٨.
(٤) هو أبو الحسين : عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط مؤلف كتاب (الانتصار والرد على ابن الراوندى الملحد) دافع فيه عن المعتزلة ، وبرأهم مما رماهم به ابن الراوندى. كان من رجال الطبقة الثامنة من المعتزلة توفى سنة ٣٠٠ ه.
(الفرق بين الفرق ص ١٧٩ ، ١٨٠ ، وطبقات المعتزلة ص ٨٥).