والعلم بذلك إن كان معلوما بالعقل ، والنظر ، فالعقل غير معط لذلك إلا فى حق من دلت المعجزة على صدقه ، وذلك هو الناطق ، لا الإمام ـ كيف وأن العقل عندهم غير كاف؟.
وإن كان ذلك معلوما بقوله ، فقوله : إنما يكون موجبا للعلم ، أن لو عرف صدقه فإذا ، كان صدقه ، متوقفا على قوله ، والاحتجاج بقوله ، على صدقه ، فرع صدقه ؛ فيكون دورا ، وإن كان معرفة صدقه بأمر آخر ؛ فلا بد من تصويره ، والدلالة عليه.
قولهم إن الله ـ تعالى ـ ليس بموجود ، ولا معدوم ؛ فهو إبطال لوجود الإله تعالى ؛ وقد أبطلناه فيما تقدم (١).
قولهم : إنه ليس بعالم ، ولا جاهل ولا قادر ، ولا عاجز ، وكذلك فى سائر الصفات ؛ فقد أبطلناه أيضا فى الصفات (٢).
وما ذكروه من إبداع الرب ـ تعالى ـ للعقل / وبتوسطه للنفس ، وبتوسط النفس لحركات الأفلاك ، وبتوسط حركات الأفلاك لحدوث المركبات ؛ فقد استقصينا إبطاله أيضا فيما تقدم (٣).
وإذا بطل القول بوجود العقل ، والنفس العلويين ؛ فقد بطل القول بوجود الناطق ، والإمام بالقياس عليه.
وبتقدير تسليم وجود العقل ، والنفس العلويين ؛ فقد أبطلنا فى النبوات القول بوجوب ، وجود الناطق ، وهو الرسول ، وبينا أن ذلك من الجائزات لا من الواجبات (٤).
وبتقدير وجوب وجود الناطق ، فلم قالوا بوجوب وجود الإمام؟ ولم لا يكتفى بما يبلغه إلينا الناطق ، من غير حاجة إلى إمام ، ويكون ما يسنه ، ويشرعه ، ويضعه من الضوابط ، كافيا فى المعرفة بعد موته ، كما كان ذلك كافيا فى حياته ، كيف وإن الإمام
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٤١ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٥٤ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما مر فى الجزء الثانى ل ٣٢ / ب وما بعدها.
(٤) انظر ما مر فى قاعدة النبوات ل ١٣٣ / أوما بعدها.