أما قولهم : بالتنصيص على عليّ فسيأتى إبطاله فيما بعد (١) ، وأما تكفيرهم لأعلام الصحابة وسلف الأمة مع شهادة القرآن ، وإخبار الرسول بعدالتهم ، والرّضى عنهم ، وأنهم من أهل الجنة ؛ فهو بعيد.
أما شهادة القرآن لهم فقوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٢) ، وكانوا ألفا وأربعمائة ، وقوله تعالى فى حق المهاجرين والأنصار : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٣) وقوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) (٤) وقوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) (٥) ، وذلك يدل على علو رتبتهم ، وعظم شأنهم ، وكرامتهم على الله تعالى ورسوله ،
وقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «عشرة فى الجنة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وسعيد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة بن الجراح» (٦) إلى غير ذلك من الأخبار الواردة فى حقهم جملة ، وإفرادا.
ثم إنه لو كان أبو بكر ، وعمر كافرين ؛ لكان عليّ بتزويجه ابنته أم كلثوم الكبرى من عمر كافرا ، أو فاسقا ، حيث عرض ابنته للزنا ؛ لإن نكاح الكافر للمسلمة ؛ باطل بالإجماع ، والوطء الواقع فيه يكون زنا ؛ وعليّ لم يكن كافرا ، ولا فاسقا.
__________________
(١) انظر القاعدة الثامنة ل ٢٧٤ / أوما بعدها.
(٢) سورة الفتح : ٤٨ / ١٨.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ١٠٠.
(٤) سورة التوبة : ٩ / ١١٧.
(٥) سورة النور : ٢٤ / ٥٥.
(٦) رواه أبو داود ، وابن ماجة ، والترمذي وصححه. رواه أبو داود رقم (٤٦٤٩) و (٤٦٥٠) فى السنة : باب فى الخلفاء.
والترمذي رقم (٣٧٤٩) و (٣٧٥٨) فى المناقب : باب مناقب عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وباب مناقب سعيد بن زيد. وابن ماجه رقم (١٣٤) فى المقدمة : باب فضائل العشرة المبشرين بالجنة رضى الله عنهم. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روى من غير وجه عن سعيد بن زيد عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وهو حديث صحيح.