وقولهم بجواز خلو العصر عن الإمام ، فهو أيضا على خلاف إجماع السلف ، وأما تكفيرهم مرتكب الكبيرة ، فقد أبطلناه / فيما تقدم (١).
وأما البيهسية (٢) : أصحاب أبى بيهس الهيصم بن جابر ، قالوا : إنّ الإيمان هو الإقرار ، والعلم بالله ، وما جاء به رسوله ، حتى أن من واقع ما لا يعلم كونه حراما أو حلالا ؛ فليس بمؤمن ؛ إذ كان من حقه أن يعلم الحق.
ومنهم من خالف فى ذلك وقال : لا يكفر حتى يرفع أمره إلى الإمام ، أو نائبه فيحده ، وكل ما ليس فيه حد ؛ فهو مغفور.
ومنهم من قال : إنه لا حرام سوى ما فى قوله تعالى : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) (٣) الآية ، وما سواه ؛ فكله حلال.
ومنهم من قال : إن الإمام إذا كفر كفرت الرعية شاهدها ، وغائبها ، وقالوا إن أطفال المؤمنين ، مؤمنين ، وأطفال الكفار ، كفار ، ووافقوا القدرية فى القدر.
ومنهم من قال : إن السكر إذا كان من شراب حلال ؛ فلا يؤاخذ صاحبه بما قال ، أو فعل ؛ بخلاف الحرام.
ومنهم من قال : إنّ السكر إذا انضم إليه فعل كبيرة ؛ فهو كفر.
أما قولهم : إن الإيمان هو الإقرار ، والعلم ؛ فقد أبطلناه فيما تقدم (٤).
وقولهم : إنه لا حرام إلا ما حرم فى الآية المذكورة ، وأن الإمام إذا كفر كفرت الرعية ، فهو أيضا خلاف الإجماع من السلف والقرآن ؛ لقوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٥).
__________________
(١) انظر الفصل الثالث من هذه القاعدة ل ٢٤١ / ب.
(٢) أصحاب أبى بيهس الهيصم بن جابر وهو أحد بنى سعد بن ضبيعة. طلبه الحجاج فهرب منه إلى المدينة ؛ فظفر به عثمان بن حيان المزنى فحبسه ، وقتله. أما عن البيهسية فانظر بالإضافة لما ورد هاهنا. الملل والنحل ص ١٢٥ ـ ١٢٨ ، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ٤٧. وشرح المواقف ص ٤٣ من التذييل.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ١٤٥.
(٤) انظر الفصل الأول من هذه القاعدة ل ٢٣٦ / أوما بعدها.
(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١٦٤. وسورة الإسراء ١٧ / ١٥.