ومنهم من قال : الإيمان معرفة الله ، ورسله ، وما جاءت به الرسل على الجملة ؛ وهو منقول عن بعض الفقهاء.
وأما من قال : إنه لا يخرج عن أعمال الجوارح :
فمنهم من قال : هو إقرار اللسان بالشهادتين لا غير. وهذا هو مذهب الكرّامية (١).
ومنهم من قال : هو الطاعة لكن اختلفوا :
فمنهم من قال : كل طاعة إيمان سواء كانت فرضا ، أو نفلا. وهو مذهب الخوارج والعلاف ، وعبد الجبار من المعتزلة.
ومنهم من قال : الإيمان هو الطاعات المفترضة ، دون النوافل منها. وهذا هو مذهب الجبائى ، وأكثر البصريين من المعتزلة.
ومنهم من قال : الإيمان هو الإقرار باللسان ، والمعرفة. وهو مذهب الغيلانية (٢) وهو أيضا محكى عن أبى حنيفة (٣) ، وعبد الله بن سعيد بن كلاب (٤).
ومنهم من قال : هو الإقرار باللسان ، ومعرفة بالقلب ، وعمل بالأركان ؛ وهذا هو مذهب القلانسى (٥) من أصحابنا ، والنجار (٦) من المعتزلة.
__________________
(١) راجع ما مر عن الكرامية فى الجزء الأول ه ل ٦٥ / أ. وما سيأتى فى هذه القاعدة ل ٢٥٦ / ب وما بعدها.
(٢) الغيلانية : أصحاب غيلان بن مروان الدمشقى. انظر عنه ما سيأتى فى هامش ل ٢٤٤ / أو الفرقة الرابعة من المرجئة ل ٢٥٥ / أ.
(٣) أبو حنيفة : الإمام الأعظم : النعمان بن ثابت ، التيمى بالولاء الكوفى : إمام الحنفية ، الفقيه المجتهد المحقق ، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. قيل أصله من أبناء فارس. ولد بالكوفة سنة ٨٠ ه ونشأ بها. وكان يبيع الخز ويطلب العلم فى صباه ، ثم انقطع للتدريس والإفتاء. طلبه بن هبيرة (أمير العراقين) من قبل الأمويين للقضاء ، فرفض ورعا ، وأراده المنصور العباسى قاضيا للقضاة فرفض ؛ فحبسه إلى أن مات فى محبسه سنة ١٥٠ ه. وكان قوى الحجة ومن أحسن الناس منطقا. قال عنه الإمام مالك : رأيت رجلا لو كلمته فى هذه السارية أن يجعلها ذهبا ؛ لقام بحجته. وقال عنه الإمام الشافعى : «الناس عيال فى الفقه على أبى حنيفة» كتبت عنه وعن مناقبه وسيرته وآرائه وفقهه كتب كثيرة. رحمهالله ورضى عنه آمين.
[تاريخ بغداد ١٣ / ٣٢٣ ـ ٤٢٣ ، أبو حنيفة : حياته وعصره وآراءه وفقهه. للشيخ محمد أبو زهرة].
(٤) عبد الله بن سعيد بن كلّاب راجع ما كتب عنه فى هامش ل ٨٢ / ب من الجزء الأول.
(٥) القلانسى : انظر ترجمته فى هامش ل ١٢٤ / أمن الجزء الأول.
(٦) النّجار : انظر ترجمته فى هامش ل ٦٤ / ب من الجزء الأول.