مخلوق / أى على هذا التركيب ، والنظم من هذه الحروف ، والأصوات ؛ بل هو مخلوق على غير هذه الحروف بعينها ، وهذه حكاية عنها.
وزعموا أن أقوال مخالفيهم كلها كذب ، وضلالة ، حتى أنه لو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فقوله ضلال ، وكذب.
والقائل بهذه المقالة ففى غاية السخافة من العقل ، فإنه إذا قال مخالفهم لا إله إلا الله محمد رسول الله ، إن كان إخباره على خلاف ما المخبر عليه ؛ فيلزم أن يكون ثم إله غير الله ، وأن لا يكون محمد رسولا ؛ وهو محال ، وإن كان إخباره على وفق ما المخبر عنه ، فيمتنع أن يكون خبره كذبا ، وضلالة ؛ بل صدقا ، وإيمانا.
ثم يلزمهم أن مخالفهم إذا قال لزعيمهم : إنك مؤمن ، أنه إن كان صادقا ؛ فقد نقضوا مذهبهم ، وإن كان كاذبا ، فالصادق عليه إنه ليس بمؤمن ؛ فهم غير مؤمنين.
وأما الجبرية (١) :
فالجبر عبارة عن نفى الفعل عن العبد حقيقة ، وإضافته إلى الرب ـ تعالى ـ غير أن الجبرية تنقسم إلى :
جبرية خالصة : وهى التى لا تثبت للعبد فعلا ، ولا كسبا : كالجهمية (٢). وإلى :
جبرية متوسطة : وهى التى لا تثبت للعبد فعلا ؛ ولكن تثبت له كسبا كالأشعرية (٣) / / والنجارية (٤) ، والضرارية (٥) ، والحفصية (٦) ، والمقصود هنا إنما هو بيان مذهب الجبرية الخالصة ؛ وهم أصحاب جهم بن صفوان.
__________________
(١) انظر عن هذه الفرقة بالإضافة لما ورد هاهنا : مقالات الإسلاميين للأشعرى ١ / ٢٣٨ والملل والنحل ص ٨٥ ـ ٩١. والفرق بين الفرق ص ٢١١ ـ ٢١٥. والتبصير فى الدين ص ٦٣ وما بعدها ، وشرح المواقف ص ٥٩ ، ٦٠ من التذييل.
(٢) أتباع الجهم بن صفوان وقد سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ٥ / أ.
/ / أول ل ١٤٦ / ب.
(٣) أصحاب الإمام الأشعرى انظر عنه ما سبق فى الجزء الأول هامش ل ٣ / أ.
(٤) راجع عنهم ما مر فى ل ٢٥٥ / ب وهامشها.
(٥) أصحاب ضرار بن عمرو ـ انظر عنه ما سبق فى الجزء الأول فى هامش ل ٧٢ / ب.
(٦) أصحاب حفص الفرد ـ انظر عنه ما سبق فى الجزء الأول فى هامش ل ٢٣١ / أ.