الإعراض عن الأقوال الشاذة لهم ، واقتصرنا على أقوال زعيمهم ، والمشهور منهم وقد اتفقوا على أن الله ـ تعالى ـ مستقر على العرش مماس له من الصفحة العليا وأنه بجهة فوق بذاته ، وأنه مما تجوز عليه الحركة والانتقال ، والنزول. ومنهم من قال : امتلأ به العرش.
ومنهم من قال : إنه على بعض العرش ، ومنهم من قال : إنه محاذى للعرش ، لكن منهم من قال : بينهما بعد متناه ، ومنهم من قال : بعد غير متناه ، ومنهم من أطلق لفظ الجسم عليه تعالى ، ثم منهم من أثبت كونه متناهيا من جميع جهاته ، ومنهم من أثبت له النهاية من جهة تحت ، دون غيرها ، ومنهم من نفى عنه النهاية مطلقا.
واتفقوا على جواز حلول الحوادث بذاته ، وأنها زائدة على الحوادث الخارجة عن ذاته ، وزعموا أنه إنما يقدر على الحوادث / / الحادثة فى ذاته دون غيرها ، وأوجبوا على الله ـ تعالى ـ ، أن يكون أول شيء خلقه حيا يصح منه الاستدلال.
وزعموا أن الرسالة ، والنبوة صفتان قائمتان بذات الرسول سوى الوحى إليه ، وسوى أمر الله ـ تعالى ـ له بالتبليغ عنه ، وسوى إظهار المعجزة على يده ، وسوى عصمته عن المعاصى ، وأن من كان فيه تلك الصفة فإنه يجب على الله تعالى ـ إرساله.
وفرقوا بين الرسول والمرسل من جهة / أن الرسول رسول للمعنى الّذي قام به والمرسل مرسل ؛ لأن الله ـ تعالى ـ أرسله.
وأجازوا أن يكون الرسول غير مرسل ، ولم يجيزوا مرسلا غير رسول ، وأن الرسول لا يجوز عزله عن كونه رسولا ، بخلاف المرسل ، وزعموا أنه لا يجوز فى الحكمة الاقتصار على رسول واحد.
وجوزوا وجود إمامين فى عصر واحد ، وقضوا بأن عليا ، ومعاوية كانا إمامين فى عصر واحد ، غير أن إمامة عليّ على وفق السنة ، وإمامة معاوية على خلاف السنة ، ومع ذلك أوجبوا طاعة رعيته له.
وزعموا أيضا أن الإيمان هو الإقرار الّذي وجد فى الذر حين قال تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (١) فقولهم : بلى فى الذر هو الإيمان ، وأن ذلك الإيمان باق فى جميع
__________________
/ / أول ل ١٤٧ / أ.
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٧٢.