وأما ما وراء ذلك من الفرق الهالكة ، وأرباب الأقوال المضلة ؛ فإنها وإن كانت متكثرة خارجة عن الحصر ، غير أن منها ما هو متفرع على ما سبق من أقوال الفرق الهالكة ، ومنها ما هو من أقوال العوام الطغام ، وحثالة الناس ، ومن لا يؤبه له ؛ لعدم أصالته فى العلم ، وخساسته بين أهل النظر. فلذلك لم / يعدوا من أرباب المقالات ، ولم يعتد بوفاقهم ، ولا خلافهم.
وأما الفرقة الناجية :
وهى الثالثة والسبعون فهى ما كانت على ما كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وسلف الصحابة على ما سبق ، من قوله ـ عليهالسلام ـ حين قيل له من الفرقة الناجية قال : «هم الذين على ما أنا عليه وأصحابى»
وهذه الفرقة هى : الأشاعرة ، والسلفية من المحدّثين وأهل السنة والجماعة. وذلك لأنهم / / لم يخلطوا أصولهم بشيء من بدع القدريّة ، والشيعة ، والخوارج ، والمرجئة ، والنّجارية ، والجبرية ، والمشبهة مما سبق تحقيقه من بدعهم وأقوالهم (١).
بل هم مجمعون على حدوث العالم ، ووجود البارئ ـ تعالى ـ ، وأنه لا خالق ولا مبدع سوى الله ـ تعالى ـ ، وأنه قديم لم يزل ، ولا يزال ، وأنه متصف بصفات الجلال من العلم ، والقدرة ، والإرادة ، ونحو ذلك مما سبق تحقيقه.
وأنه لا شبيه له ولا نظير ، وأنه لا يحل فى شيء ، ولا هو محل للحوادث ، وأنّه ليس فى جهة ، ولا حيز ، ولا يجوز عليه الحركة ، والانتقال ، وأنه يستحيل عليه الجهل ، والكذب وسائر صفات النقص ، وأنه لا شريك له ، ولا ضد ، ولا ند ، وأنه مرئى للمؤمنين فى الآخرة وأنه لا يكون إلا ما يريد ، وما أراده فهو كائن ، وأنه غنى عن خلقه غير محتاج إلى شيء ، وأنه لا يجب عليه شيء ، بل إن أثاب فبفضله ، وإن عاقب فبعد له ، وأنه بريء عن المقاصد ، والأغراض فى فعله ، ولا يوصف فيما يفعله ، بجور ، ولا
__________________
/ / أول ل ١٤٧ / ب.
(١) انظر عن المبتدعة ما مر بالتفصيل من ل ٢٤٣ / ب إلى نهاية ل ٢٥٧ / أمن هذه القاعدة ـ الفصل الثالث : فى أن مخالف الحق من أهل القبلة هل هو كافر أم لا؟