أما القدرية فمن وجوه سبعة :
الأول : لقوله عليه الصلاة والسلام / : «القدرية مجوس هذه الأمة» (١).
وقد اختلف أصحابنا فى حكم تمجيسهم :
فمنهم من قال إنهم مجوس ، بمعنى لو بذلوا ما لا يحقنون به دماؤهم قبل منهم ، غير أنه لا تؤكل ذبائحهم ، ولا تنكح نساؤهم ، ولو قتل واحد منهم ، بغير حق ، وكان قاتله من أهل السنة ، فعليه مثل دية المجوسى ، وهو اختيار الأستاذ أبى إسحاق (٢).
ومنهم من قال حكمهم حكم المرتدين ؛ فلا تقبل منهم الجزية ، ولا تؤكل ذبائحهم ، ولا تنكح نساؤهم ، ولا دية على قاتل واحد منهم ، وإن لحق واحد منهم بدار الحرب ، وسبى لا يسترق.
الثانى : إنكارهم للصفات ، وجهلهم بالله ـ تعالى ـ (٣).
الثالث : لمخالفتهم لإجماع الأمة على أن فعل الله ـ تعالى ـ خير من فعل غيره حيث قالوا ، بأن الإيمان من فعل العبد ، مع كونه خيرا من كل حادث.
الرابع : قولهم بخلق القرآن ، ومخالفتهم لقوله ـ عليهالسلام ـ «من قال القرآن مخلوق فهو كافر» (٤).
الخامس : إنكارهم كون الرب ـ تعالى ـ مريدا لجميع الكائنات ، ومخالفة الإجماع فى قولهم : «ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن» (٥).
السادس : إنكارهم للرؤية ، وقد قال الله تعالى : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) (٦).
__________________
(١) رواه أبو داود رقم (٤٦٩١) فى السنة : باب فى القدر ، والحاكم فى «المستدرك» ١ / ٨٥ من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما مرفوعا بلفظ : «القدرية مجوس هذه الأمة» وأحمد فى المسند ٢ / ٨٦ من حديث ابن عمرو وأيضا بلفظ : «لكل أمة مجوس ومجوس أمتى الذين يقولون لا قدر» ورواه أحمد أيضا فى المسند ٥ / ٤٠٦ ، ٤٠٧ وله شواهد بالمعنى عند الحاكم ١ / ٨٥ من حديث أبى هريرة عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما بلفظ : «لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تفاتحوهم» وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.
(٢) سبقت ترجمته فى هامش ل ٥ / أمن الجزء الأول.
(٣) انظر ما مر فى القاعدة الرابعة ـ النوع الثانى : فى الصفات ص ٢٩٥ ـ ٤٧٣ ، فقد ذكر الآمدي بدعتهم فى إنكار الصفات ، ورد عليها بالتفصيل.
(٤) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الثانى ـ المسألة الخامسة : فى إثبات صفة الكلام لله ـ تعالى. ل ٨٢ / ب وما بعدها.
(٥) انظر ما مر ل ٢٨٨ / أوما بعدها من الجزء الأول.
(٦) سورة السجدة : ٣٢ / ١٠.