قال لم يكن من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمر ، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وقال للحاكم أبو أحمد ـ بعد أن حكى الاختلاف في اسمه ببعض ما تقدم : كان من أحفظ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وألزمهم له صحبة على شبع بطنه ، فكانت يده مع يده يدور معه حيث دار إلى أن مات ، ولذلك كثر حديثه.
وقد أخرج البخاريّ في الصحيح ، من طريق سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قلت : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال : «لقد ظننت ألّا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك ، لما رأيت من حرصك على الحديث».
وأخرج أحمد ، من حديث أبيّ بن كعب ـ أن أبا هريرة كان جريئا على أن يسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره.
وقال أبو نعيم : كان أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودعا له بأن يحبّبه إلى المؤمنين ، وكان إسلامه بين الحديبيّة وخيبر قدم المدينة مهاجرا ، وسكن الصّفة.
وقال أبو معشر المدائنيّ ، عن محمد بن قيس ، قال : كان أبو هريرة يقول : لا تكنوني أبا هريرة ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم كناني أبا هرّ والذّكر خير من الأنثى.
وأخرجه البغويّ بسند حسن ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة. وقال عبد الرّحمن بن أبي لبيبة : أتيت أبا هريرة وهو آدم بعيد ما بين المنكبين ذو ضفيرتين أفرق الثنيتين.
وأخرج ابن سعد ، من طريق قرة بن خالد : قلت لمحمد بن سيرين : أكان أبو هريرة مخشوشنا؟ قال : لا ، كان لينا. قلت : فما كان لونه؟ قال : أبيض. وكان يخضب ، وكان يلبس ثوبين ممشّقين (١) ، وتمخّط يوما فقال : بخ! بخ! أبو هريرة يتمخّط في الكتان.
وقال أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحجرة عائشة ، فيقال : مجنون ، وما بي جنون ، زاد يزيد بن إبراهيم ، عن محمد ، عنه : وما بي إلا الجوع.
ولهذا الحديث طرق في الصحيح وغيره ، وفيها سؤال أبي بكر ثم عمر عن آية ، وقال : لعل أن يسقني فيفتح عليّ الآية ولا يفعل.
__________________
(١) المشق والمشق : المغرة وهو صبغ أحمر ، وثوب ممشوق وممشّق : مصبوغ بالمشق قال الليث : المشق والمشق طين يصبغ به الثوب. اللسان ٦ / ٤٢١١.