بل يستوي في علمه الداني مع ال |
|
قاصي وذو الأسرار والاعلان |
وهو العليم بما يكون غدا وما |
|
قد كان والمعلوم في ذا الآن |
وبكل شيء لم يكن لو كان كي |
|
ف يكون موجودا لذي الأعيان |
الشرح : يعتقد أهل السنة والجماعة بأن الله سميع يسمع ، هو صفة له قائمة بذاته ، وأنه كذلك بصير ببصر زائد على ذاته ، فالسمع والبصر صفتان ثابتتان له سبحانه لا كما تزعم الجهمية نفاة الأسماء ، من كونه ليس سميعا ولا بصيرا ، ولا كما تزعم المعتزلة من كونه سميعا بذاته لا يسمع ، وبصيرا بذاته لا يبصر ، فإن نفي الأسماء تكذيب بصريح القرآن ، وهو كفر ، واثبات الموصوف بدون الصفة أو ادعاء أن الصفة عين الموصوف سفسطة.
ويعتقد أهل السنة كذلك أن سمع الله يتعلق بكل مسموع مهما دق وخفت ، وأن بصره يتعلق بكل مرئي مهما لطف لا يؤثر فيهما بعد مسافة ، ولا يمنعهما حجب وأستار ، فهو سبحانه مع كونه فوق عرشه عاليا على خلقه يرى أصغر مخلوقاته وهي النملة ويسمع دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، ويرى تحرك أجفان خلقه في أغماضها وفتحها ، ويسمع كذلك ضجيج أصوات عباده ويميز بينها فلا تتشابه الأصوات عنده ولا تغلطه كثرة المسائل ولا يشغله شأن عن شأن. ويعتقدون أن الله عليم بعلم كما قال تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) [النساء : ١٦٦] وكما قال : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) [البقرة : ٢٥٥] وأن علمه متعلق بكل ما من شأنه أن يعلم لا يعزب عنه من ذلك شيء ، فهو يعلم ما يحدث به المرء نفسه ، وما يرد على خاطره من الهواجس وان لم يحرك به لسانه ، ويستوي في علمه ما قرب وما بعد ، وما أسر وما أعلن كما قال تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد : ١٠] بل يستوي في علمه الماضي والحاضر والمستقبل فهو يعلم ما سيكون مستقبلا ، كما يعلم ما قد كان في الماضي ، وكما يعلم ما هو كائن الآن ، فالاشياء كلها حاضرة لديه ، وهو يعلم الكيفيات التي ستكون عليها الأشياء