وأما أهل الحق من أتباع مذهب السلف فإنهم لا يقولون بشيء من ذلك الكلام المحدث المبتدع ، ولكنهم يذهبون الى أن القرآن منزل من عند الله حقا وانه كلامه الذي تكلم به ، وسمعه منه عبده جبريل عليهالسلام ، فبلغه الى الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه كما سمعه من الرب جل شأنه فالكلام كلام الله وما كان جبريل الا مبلغا ومؤديا لما سمع بأمانة هو جدير بها حيث وصفه الله بها في قوله : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) [الشعراء : ١٩٢ ، ١٩٤].
* * *
فصل
في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن
واذا أردت مجامع الطرق التي |
|
فيها افتراق الناس في القرآن |
فمدارها أصلان قام عليها |
|
هذا الخلاف هما له ركنان |
هل قوله بمشيئة أم لا وهل |
|
في ذاته أم خارج هذان |
أصل اختلاف جميع أهل الأرض في |
|
القرآن فأطلب مقتضى البرهان |
ثم الألى قالوا بغير مشيئة |
|
وإرادة منه فطائفتان |
احداهما جعلته معنى قائما |
|
بالنفس او قالوا بخمس معان |
والله أحدث هذه الألفاظ كي |
|
تبديه معقولا الى الاذهان |
الشرح : هذا شروع من المؤلف في بحث اختلاف الطوائف في مسألة الكلام وقد أولاها هنا عناية خاصة ، وأفاض في معالجتها نظرا لما لها من أهمية كبرى ، فقد كثر تنازع الفرق حولها واختلفت مذاهب الناس فيها ، وكانت السبب في المحنة التي وقعت على أهل السنة في زمن المأمون والمعتصم حتى ضرب الامام أحمد رضي الله عنه وطيف به من أجل امتناعه عن القول بخلق القرآن ، وقد حصر المؤلف الأقوال في هذه المسألة حصرا مفيدا حين رد الخلاف فيها الى