ولا زيادته ولا تقديم ولا تأخير ، وما هنا ليس كذلك ، فان اللفظ والمعنى مختلفان ، فلا يصح القول بأن أحدهما حكاية عن الآخر ، ويرى بعض الاشاعرة أن هذا الخلاف لفظي لا يتعلق به غرض علمي ، وليس وراءه ثمرة مرجوة ، فان الفريقين من الكلابية والاشعرية متفقون على أن هذه الألفاظ ليست هي القرآن ، وانما هي دالة عليه فقط ، فسواء جعلت حكاية عنه أو عبارة لم يختلف هذا المعنى الذي هو محل اتفاق.
* * *
فصل
في مذهب الاقترانية
والفرقة الأخرى فقالت إنه |
|
لفظا ومعنى ليس ينفصلان |
واللفظ كالمعنى قديم قائم |
|
بالنفس ليس بقابل الحدثان |
فالسين عند الباء لا مسبوقة |
|
لكن هما حرفان مقترنان |
والقائلون بذا يقولوا انما |
|
ترتيبها بالسمع بالآذان |
ولها اقتران ثابت لذواتها |
|
فأعجب لذا التخليط والهذيان |
الشرح : وأما الفرقة الثانية ممن قالوا ان الكلام لا يتعلق بمشيئته تعالى وقدرته ، فهم الاقترانية نسبة إلى الاقتران الذي هو مذهبهم ، فإنهم زعموا أن الحروف التي تركب منها القرآن قد اقترن بعضها ببعض في الأزل ، فليس لأحدها تقدم بالزمان على غيره ، إذ لا يوجد قبل وبعد في الأزل. وذهب هؤلاء إلى أن القرآن ألفاظ ومعان ، ليس ينفصل أحدهما عن الآخر ، إذ لا تعقل ألفاظ بلا معان ، ولا تعقل معان مجردة عن الألفاظ ، وكل من اللفظ والمعنى قديم قائم بذاته تعالى ليس بقابل للحدوث أصلا ، وما دامت الألفاظ قديمة فالحروف التي تألفت منها هذه الألفاظ قديمة ، وحينئذ لا يصح القول بوجودها في الأزل على الترتيب والتعاقب ، بل وجدت مقترنة مجتمعة ، فالسين من بسم الله الرحمن الرحيم تكون