فوافقوا جهما على الكفر بكلام الله عزوجل وانكار أن الله متكلم بالقرآن أو كلم موسى عليهالسلام بكلام سمعه ، فجمعوا بذلك بين التجهم والاعتزال وصاروا كصاحب ثوب له علمان ، ولقد حكم بكفرهم من أجل هذا الذي قالوه خمسمائة من العلماء في مختلف البلدان. حكى ذلك عنهم اللالكائي في مسنده ، بل حكاه من قبله الإمام الطبراني وقوله قديمهم ، بدل من أهل الاعتزال. وقوله : الرضي صفة للحسن ، وهي مصدر بمعنى المرضي.
* * *
فصل
في مذهب الكرامية
والقائلون بأنه بمشيئة |
|
في ذاته أيضا فهم نوعان |
إحداهما جعلته مبدوءا به |
|
نوعا حذار تسلسل الاعيان |
فيسد ذاك عليهم في زعمهم |
|
اثبات خالق هذه الأكوان |
فلذاك قالوا أنه ذو أول |
|
ما للفناء عليه من سلطان |
وكلامه كفعاله وكلاهما |
|
ذو مبدأ بل ليس ينتهيان |
الشرح : وأما الفرقة الثانية من القائلين بأن الكلام متعلق بمشيئته تعالى وقدرته فانقسموا إلى طائفتين ، الطائفة الأولى الكرامية أتباع محمد بن كرام ، وهؤلاء ذهبوا إلى أن الله تعالى يتكلم بمشيئته بالقرآن العربي وغيره ، إلا أنهم لا يقولون لم يزل متكلما إذا شاء لأنه يمتنع عندهم أن يكون الله متكلما في الازل فيجعلون كلامه حادثا في ذاته مسبوقا بالعدم بمعنى أن الله لم يكن عندهم متكلما ، ثم صار متكلما ، فنوع الكلام عندهم له ابتداء في ذاته ، وإنما الجأهم إلى ذلك الخوف من القول بحوادث لا أول لها ، فإن هذا يلزمه التسلسل في الموجودات والقول بقدم الانواع فينسد عليهم طريق اثبات الصانع في زعمهم إذ كان الطريق إلى ذلك هو حدوث الاشياء المستلزم لوجود محدث لها فلهذا