اضطر الكرامية إلى أن يجعلوا لما يحدث في ذاته تعالى من الكلام أو الفعل ابتداء ، لكنه مع ذلك إذ حدث فليس قابلا عندهم للزوال والفناء ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة الفرقان (ومحمد بن كرام فكان بعد ابن كلاب في عصر مسلم ابن الحجاج اثبت أنه يوصف بالصفات الاختيارية ، ويتكلم بمشيئته وقدرته ، ولكن عنده يمتنع أنه كان في الأزل متكلما بمشيئته وقدرته لامتناع حوادث لا أول لها ، فلم يقل بقول السلف لم يزل متكلما إذا شاء ، وقال هو وأصحابه في المشهور أن الحوادث التي تقوم به لا يخلو عنها ، ولا تزول عنه).
* * *
قالوا ولم ينصف خصوم جعجعوا |
|
وأتوا بتشنيع بلا برهان |
قلنا كما قالوه في أفعاله |
|
بل بيننا بون من الفرقان |
بل نحن أسعد منهم بالحق إذ |
|
قلنا هما بالله قائمتان |
وهم فقالوا لم يقم بالله لا |
|
فعل ولا قول فتعطيلان |
لفعاله ومقاله شرا وأب |
|
طل من حلول حوادث ببيان |
تعطيله عن فعله وكلامه |
|
شر من التشنيع بالهذيان |
هذي مقالات ابن كرام وما |
|
ردوا عليه قط بالبرهان |
أني وما قد قال أقرب منهم |
|
للعقل والآثار والقرآن |
لكنهم جاءوا له بجعاجع |
|
وفراقع وقعاقع بشمان |
الشرح : قالت الكرامية أن خصومنا من الكلابية والأشعرية قد شنعوا علينا في قولنا بحدوث الكلام في ذاته تعالى بمشيئته واختياره مع أنه لا حجة لهم في هذا التشنيع على أنهم قد قالوا بمثل قولنا في أفعاله تعالى فجعلوها حادثة ، ولزمهم في ذلك مثل ما لزمنا من أن الله كان معطلا عن الفعل في الأزل. ثم صار فاعلا بلا تجدد سبب أوجد القدرة والامكان ، بل نحن أقرب منهم إلى الحق لأننا جعلنا الكلام والفعل صفتين قائمتين بذاته ، وأما هم فعطلوه عن قوله وفعله ، فإن القول المسموع عندهم مخلوق كما أن الفعل عين المفعول المخلوق ، ولا شك أن