محلا للحوادث ، فإذا صح أن يشتق من الخلق الذي ليس قائما به وصفا له وهو خالق ، فكذلك يصح أن يقال له متكلم بمعنى أنه فاعل لكلامه وكتابه دون أن يكون الكلام وصف معنى له قائما بذاته وعلى هذا لا يكون مذهبنا مخالفا للعقل والنقل واللغة كما زعمتم ، ولكن الذي يصح أن يحكم عليه بتلك المخالفة للعقل والنقل والفطرة مذهب هؤلاء الاقترانية الذين زعموا أن كلام الله بألفاظه ومعانيه قديم وأن حروفه مجتمعة في الأزل لا ترتيب ولا تعاقب بينها ، فالسين من بسم الله تكون مع الباء في النطق لا بعدها متأخرة عنها بل مقارنة لها فارتكبوا بذلك أشنع مخالفة للضرورة القاضية بأن الحروف لا يتصور وجودها ولا النطق بها الا مع التعاقب على نحو ورودها الى الاسماع سواء بسواء.
* * *
أو قال ان كلامه سبحانه |
|
معنى قديم قام بالرحمن |
ما أن له كل ولا بعض ولا ال |
|
عربي حقيقته ولا العبراني |
والأمر عين النهي واستفهامه |
|
هو عين أخبار بلا فرقان |
وكلامه كحياته ما ذاك مق |
|
دور له بل لازم الرحمن |
هذا الذي قد خالف المعقول وال |
|
منقول والفطرات للانسان |
أما الذي قد قال ان كلامه |
|
ذو أحرف قد رتبت ببيان |
وكلامه بمشيئة وإرادة |
|
كالفعل منه كلاهما سيان |
فهو الذي قد قال قولا يعلم ال |
|
عقلاء صحته بلا نكران |
الشرح : ومثل هؤلاء الاقترانية في شناعة مذهبهم وفساده طائفة الكلابية والأشعرية الذين زعموا أن كلامه سبحانه هو معنى واحد قديم قائم بذاته لا تعدد فيه ، وليس له كل ولا بعض ولا يوصف بأنه عربي ولا عبراني والأمر فيه عين النهي والاستفهام نفس الخبر ، وهو وصف للذات لازم لها أزلا وأبدا كالحياة وليس هو صفة فعل فلا يتعلق بمشيئته تعالى وقدرته. فهذان المذهبان هما اللذان يصح أن يقال أنهما مخالفان للعقل والنقل والفطرة الانسانية.