أما مذهب الذي يقول بأن كلامه تعالى حروف وألفاظ مرتبة ، وأنه متعلق بمشيئته وإرادته مثل فعله ، فقد قال ما يعلم جميع العقلاء صحته دون أن يتوجه عليه انكار ، ولا شك أنه لا ينكر علن المعتزلة قولهم ان كلامه تعالى حروف وألفاظ عربية ، وأنه متعلق بالقدرة والمشيئة كسائر الافعال ، ولكن موضع الانكار عليهم هو زعمهم أن الكلام ليس صفة لله قائمة به ، بل مخلوقا له منفصلا عنه ، كما ينكر على الكلابية والاشعرية جعلهم الكلام صفة ذات ، وزعمهم أنه ليس بحرف ولا صوت ، ونفيهم أنه صفة فعل متعلقة بالقدرة والاختيار.
* * *
فلأي شيء كان ما قد قلتم |
|
أولى وأقرب منه للبرهان |
ولأي شيء دائما كفرتم |
|
أصحاب هذا القول بالعدوان |
فدعوا الدعاوى وابحثوا معنى |
|
بتحقيق وانصاف بلا عدوان |
وارفوا مذاهبكم وسدوا خرقها |
|
ان كان ذاك الرفو في الامكان |
فاحكم هداك الله بينهم فقد |
|
ادلوا أليك بحجة وبيان |
لا تنصرن سوى الحديث وأهله |
|
هم عسكر الايمان والقرآن |
وتحيزن إليهم لا غيرهم |
|
لتكون منصورا لدى الرحمن |
الشرح : بعد ما برر الجهمية والمعتزلة مذهبهم في الكلام بقياسه على الفعل وقالوا أن وصفه تعالى بأنه متكلم هو نظير وصفه بأنه خالق أو رازق لا يقتضي ثبوت معناه لله ، وشنعوا على مذاهب خصومهم من الكلابية والاشعرية والاقترانية قالوا لخصومهم متسائلين : لأي شيء كان ما قلتم أنتم مع ظهور بطلانه أولى من مذهبنا بالقبول وأقرب منه الى الحجة والبرهان ، ولأي شيء تكفروننا بهذا القول ظلما وعدوانا؟ فهل تظنون أن الأمر مجرد دعوى تدعى بلا دليل؟ فاتركوا الدعاوى اذا وتعالوا نحن وأنتم نبحث كلا من مذهبنا ومذاهبكم بحثا يقوم على التمحيص والانصاف ، لا على البغي والعدوان ، وبدلا من أن تشتغلوا