أو لست تسمع قول كل موحد |
|
يا دائم المعروف والسلطان |
وقديم الإحسان الكثير ودائم ال |
|
جود العظيم وصاحب الغفران |
من غير انكار عليهم فطرة |
|
فطروا عليها لا توصي ثان |
أو ليس فعل الرب تابع وصفه |
|
وكماله أفذاك ذو حدثان |
وكماله سبب الفعال وخلقه |
|
أفعالهم سبب الكمال الثاني |
أو ما فعال الرب عين كماله |
|
أفذاك ممتنع على المنان |
أزلا إلى أن صار فيما لم يزل |
|
متمكنا والفعل ذو امكان |
الشرح : بعد أن قرر المؤلف مذهب السلف القويم في دوام فاعلية الرب وكلامه وأورد من النقول عن بعض أئمة أهل السنة كأحمد وغيره ما يشهد لصحته أراد أن يستدل عليه كذلك من طريق الفطرة والعقل ، أما الفطرة فإننا نسمع الناس في دعائهم واستغاثتهم ، وطلبهم الحاجات من الله عزوجل يلهجون بهذه العبارات من قولهم : يا قديم الإحسان ، يا قديم المعروف والسلطان ، يا دائم الجود والامتنان إلى غير ذلك مما يفهم أنهم فطروا على اعتقاد ذلك فطرة دون أن يوصي بعضهم بعضا بذلك ، أو يعلمه إياه ودون أن ينكر بعضهم على بعض.
وأما دليل العقل فهو أن فعل الرب سبحانه تابع لوصفه وكماله ، فإذا كان لم يزل موصوفا بصفات الكمال ونعوت الجلال بحيث لا يتصور خلوه عنها لحظة من اللحظات في جانب الأزل أو الأبد فهو إذا لم يزل فعالا لأن الفعل من جملة الصفات التي لم يزل بها موصوفا ، والفعل من لوازم كماله سبحانه فكماله في ذاته وصفاته هو سبب كونه فاعلا فهو سبحانه كمل ففعل ، وأما الكمال في المخلوقات والمكونات في أعيانها وأوصافها فهو تابع لكمال المكون ، فإن أثر الكمال لا يكون إلا كاملا.
وإذا كان الفعل عين كماله سبحانه لأن الكمال مستتبع له ولا يحصل إلا به. فكيف إذا يجوز القول بامتناع الفعل منه في الأزل ، ثم يصير هذا الفعل ممكنا فيما لا يزال من غير تجدد سبب أوجب ذلك الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى