مستلزم لوجود الأثر لأن تخلف التأثير بعد تمام علته الموجبة له محال غير ممكن ، ويقال لهم كذلك أن الله لم يزل قادرا مريدا عالما حيا ، وهذه الأربعة صفات ذاتية له ، وليس يحتاج الفاعل في كونه فاعلا إلى غير هذه الأربع فهي التي بها تمام الفعل لأنها أركانه التي لا يتحقق بدونها ، وإذا كان ذلك فلما ذا تأخر فعله سبحانه عن وجود الموجب التام لجميع أركانه ، فإن قلتم : تأخر الفعل لأنه كان ممتنعا في الأزل ، قلنا : كذبتم بل لم يزل الفعل ممكنا ، إذ لو كان ممتنعا في الأزل لم يقبل الوجود فيما لا يزال لأن الممتنع لا ينقلب ممكنا.
* * *
والله عاب المشركين بأنهم |
|
عبدوا الحجارة في رضا الشيطان |
ونعى عليهم كونها ليست بخا |
|
لقة وليست ذات نطق بيان |
فأبان أن العقل والتكليم من |
|
أوثانهم لا شك مفقودان |
وإذا هما فقدا فما مسلوبها |
|
بإله حق وهو ذو بطلان |
والله فهو إله حق دائما |
|
أفعنه ذا الوصفان مسلوبان |
أزلا وليس لفقدها من غاية |
|
هذا المحال وأعظم البطلان |
الشرح : ويقال لهؤلاء أيضا إذا كان الله معطلا عن الفعل والكلام في الأزل لم يكن إلها حقا ولا واجب العبادة فإن الالهية الحقة واستحقاق العبادة لا يكون إلا مع القدرة على الخلق والتكليم ، ولهذا عاب الله المشركين الذين يعبدون الأصنام ارضاء للشيطان بأنهم عبدوا ما لا يستحق العبادة لأنه لا يقدر على خلق شيء ولا يستطيع تكليم عابديه قال تعالى : (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [الأعراف : ١٩١] وقال : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [النحل : ١٧] وقال : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [الفرقان : ٣] وقال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) [الاحقاف : ٤] وقال تعالى في شأن الذين عبدوا العجل من قوم موسى عليهالسلام : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا