يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) [الأعراف : ١٤٨] وقال حكاية عما قاله إبراهيم عليهالسلام لقومه : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) [الأنبياء : ٦٣].
فدلت هذه الآيات الكريمة على أن الفعل والتكليم مفقودان من هذه الأوثان وفقدهما يدل على أنها ليست بآلهة حقة ، بل هي آلهة باطلة ، ومعلوم أن الله إله حق دائما ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان موصوفا بالفعل والتكليم دائما لأن فاقدهما لا يكون إلها حقا كما تقدم ، فكيف يجوز أن يقال ان هذين الوصفين اللذين عليهما مدار الالوهية مسلوبان عنه أزلا ، ومعلوم أن الأزل لا غاية له ولا نهاية ، هذا من أمحل المحال وأعظم البطلان.
* * *
ان كان رب العرش حقا لم يزل |
|
أبدا إله الحق ذا سلطان |
فكذاك أيضا لم يزل متكلما |
|
بل فاعلا ما شاء ذا احسان |
والله ما في العقل ما يقضي لذا |
|
بالرد والابطال والنكران |
بل ليس في المعقول غير ثبوته |
|
للخالق الأزلي ذي الإحسان |
هذا وما دون المهيمن حادث |
|
ليس القديم سواه في الأكوان |
والله سابق كل شيء غيره |
|
ما ربنا والخلق مقترنان |
والله كان وليس شيء غيره |
|
سبحانه جل العظيم الشأن |
الشرح : فإذا كان الله لم يزل ولا يزال له الالهية الحقة والسلطان الأعظم ، فيجب كذلك أن يكون لم يزل متكلما بما شاء وفاعلا لما شاء ، ولم يزل محسنا برا رحيما ، وليس في العقل ما يحيل هذا أو يأباه ، كيف والعقل إنما يقتضي ثبوته للخالق جل وعلا ، لأنه يقر له بالأزلية ذاتا وصفات. والأزلية تنافي حدوث الصفات وابتداؤها في ذاته ، ولا يلزم من القول بقدم الفعل القول بقدم شيء من المفعولات ، فإن الله هو وحده القديم ، وكل ما سواه حادث ، وليس وجود الأشياء مقارنا بوجوده ، بل وجوده سابق عليها جميعا كما جاء في الحديث «كان