فقادهم هذا الأصيل الفاسد رغما عنهم إلى التعطيل والإنكار ، وهذا الأصل هو :
* * *
نفي القيام لكل أمر حادث |
|
بالرب خوف تسلسل الأعيان |
فيسد ذاك عليهم في زعمهم |
|
إثبات صانع هذه الأكوان |
إذ أثبتوه يكون ذي الاجساد حا |
|
دثة فلا تنفك عن حدثان |
فإذا تسلسلت الحوادث لم يكن |
|
لحدوثها إذ ذاك من برهان |
فلأجل ذا قالوا التسلسل باطلا |
|
والجسم لا يخلو عن الحدثان |
فيصح حينئذ حدوث الجسم من |
|
هذا الدليل بواضح البرهان |
هذي نهايات لاقدام الورى |
|
في ذا المقام الضيق الاعطان |
فمن الذي يأتي بفتح بين |
|
ينجي الورى من غمرة الحيران |
فالله يجزيه الذي هو أهله |
|
من جنة المأوى مع الرضوان |
الشرح : هذا هو الأصل الذي أسسوه وبنوا عليه مذاهبهم في تعطيل الرب سبحانه عن صفاته الاختيارية التي تحدث في ذاته بمشيئته وهو الحكم بامتناع قيام الحوادث بذاته اذ لو قامت به الحوادث من الأفعال لوجب القول بتسلسلها وتعاقبها في الوجود شيئا قبل شيء لا إلى أول ، وهذا يؤدي بدوره إلى القول بتسلسل الأعيان التي هي المفعولات وبذلك تكون هذه المفعولات قديمة فينسد حينئذ طريق اثبات الصانع اذ كان الطريق إلى اثباته هو لزوم الحدوث لهذه المخلوقات وعدم انفكاكها عنه ، فإذا تسلسلت بطل دليل حدوثها فلأجل هذا قالوا ببطلان التسلسل ولزوم الحدوث للأجسام (١).
__________________
(١) واعتمدوا في الاستدلال على وجود الله عزوجل على ذلك ، فقالوا أن العالم جواهر وأعراض والاعراض حادثة ، والجواهر لا تنفك من الأعراض الحادثة وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث ، وإذا ثبت حدوث العالم بهذا الدليل فلا بد له من محدث هكذا يقول المتكلمون ، ولقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية فساد طريقتهم هذه ونقض دليلهم بوجوه من النقض ليس هذا موضعها ، فارجع إلى كتابنا ابن تيمية السلفي في مبحث اثبات وجود الله.