وهذه الآراء التي تقدم ذكرها هي غاية ما وصلت إليه عقول الورى في هذا المقام الذي هو مزلة الإقدام ومضلة الإفهام فمن ذا يستطيع أن يأتي فيه بحكم بين وقول فصل ينجي به الناس من هذه الحيرة الغامرة ويكون له عند الله ما هو له أهل من جنة ورضوان.
* * *
فاسمع إذا وافهم فذاك معطل |
|
ومشبه وهداك ذو الغفران |
هذا الدليل هو الذي أرداهم |
|
بل هد كل قواعد القرآن |
وهو الدليل الباطل المردود |
|
عند أئمة التحقيق والعرفان |
ما زال أمر الناس معتدلا إلى |
|
أن دار في الأوراق والأذهان |
وتمكنت أجزاؤه بقلوبهم |
|
فأتت لوازمه إلى الإيمان |
رفعت قواعده وتحت أسه |
|
فهوى البناء وخر للأركان |
وجنوا على الإسلام كل جناية |
|
اذ سلطوا الاعداء بالعدوان |
الشرح : بعد أن أورد المؤلف الأصل الذي بنى عليه أهل الكلام قواعدهم الفاسدة في منع قيام الحوادث بذاته تعالى ، وزعمهم أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث ، واتخاذهم من هذه القضية الكاذبة التي يزعمون أن عقولهم قد أجمعت على صحتها أساسا لنفي صفات الفعل والصفات الاختيارية التي تحدث في ذاته تعالى بمشيئته وقدرته أراد بعد ذلك أن يبين فساد هذا الدليل الذي تشبثوا به فذكر أن هذا الدليل هو الذي أوقعهم في الهلكة وأضلهم عن سواء السبيل كما أنه قد هدم كل ما جاء به القرآن الحكيم من قواعد الإيمان فقد وصف الله نفسه في كتابه بأنه كلم موسى عند مجيئه للميقات وناداه من جانب الطور الأيمن وأنه استوى على عرشه بعد خلق السموات والأرض ، وأنه ينزل كل ليلة الى سماء الدنيا ، وأنه سيأتى ويجيء يوم القيامة ، وأنه يحب المؤمنين ويرضى عنهم ويبغض الكافرين ويغضب عليهم ، وأنه يفرح بتوبة عبده التائب وأنه يسمع أصوات عباده حين تحدث ويرى حركاتهم وأعمالهم إلى غير ذلك من الآيات التي لا