اثارة الشكوك والتغيير في وجه الايمان إذ هي لا تقوى على معارضة أمر ثابت بضرورة العقل ومعلوم بالبديهة فإنه من المحال أن تنال الشبهات من المعلوم على وجه اليقين فإذا حصلت مقابلة بينهما فلا شك أن هذه الشبهات تضمحل وتزول ويبقى الحق ثابتا فإنه شتان بين قضية وهم أوصى بها كل معطل من خلفه وبين قضية فطرة فطر الله العباد عليها وما هما في ميزان العدل سواء؟
* * *
فصل
هذا وثالثها صريح الفوق مص |
|
حوبا بمن وبدونها نوعان |
إحداهما هو قابل التأويل والأ |
|
صل الحقيقة وحدها ببيان |
فإذا ادعى تأويل ذلك مدع |
|
لم تقبل الدعوى بلا برهان |
لكنما المجرور ليس بقابل التأ |
|
ويل في لغة وعرف لسان |
وأصح لفائدة جليل قدرها |
|
تهديك للتحقيق والعرفان |
إن الكلام إذا أتى بسياقة |
|
يبدي المراد لمن له أذنان |
أضحى كنص قاطع لا يقبل |
|
التأويل يعرف ذا أولو الأذهان |
فسياقة الألفاظ مثل شواهد ال |
|
أحوال انهما لنا صنوان |
إحداهما للعين مشهود بها |
|
لكن ذاك لمسمع الإنسان |
الشرح : هذا هو الوجه الثالث من الوجوه الدالة على علوه تعالى ، وهو التصريح بلفظ الفوق في القرآن الكريم مصحوبا بمن أحيانا ، كما في قوله تعالى في صفة ملائكته : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) [النحل : ٥٠] وبدونها أخرى ، كما في قوله تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٨] ولا شك أن الفوق المجرور بمن نص في معناه لا يقبل التأويل ، إذ لا يقال هذا اللفظ إلا في تعيين الجهة التي يكون فيها الشيء بالنسبة لما تحته ، كما يقال : السماء من فوقنا ، ومنه قوله تعالى : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) [الأنعام : ٦٥].