لكنما الخمسون ألف مسافة |
|
السبع الطباق وبعد ذي الأكوان |
من عرش رب العالمين إلى الثرى |
|
عند الحضيض الأسفل التحتاني |
الشرح : الوجه الرابع من تلك الوجوه النقلية الدالة على علوه تعالى على خلقه اخباره سبحانه بعروج الملائكة والروح إليه ، ورد ذلك في سورتين من كتاب الله ، وفي كل منهما قدر العروج بالأزمان ، ففي سورة المعارج قدر ذلك بخمسين ألف سنة ، قال تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ* فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) [المعارج : ٤ ، ٥].
وفي سورة الم تنزيل السجدة قدر بألف سنة فقط ، قال تعالى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة : ٥] ومن أجل هذا الاختلاف في مدة العروج ظن كثير من المفسرين أنهما يوما متغايران ، وليس المراد بهما يوما واحدا ، فاليوم المذكور بذي المعارج هو يوم المعاد كما يفيده السياق في قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَنَراهُ قَرِيباً* يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعارج : ٦ ، ٨] الآيات.
وأما اليوم المذكور في الم تنزيل فهو في الدنيا ، واختار المؤلف رحمهالله أن المراد بهما يوم واحد ، وأن العروج فيه إلى الله عزوجل ، وانما اختلفت المدة في الآيتين ، فكانت في احداهما ألفا وفي الأخرى خمسين ألفا لاختلاف المسافة المقطوعة في كل منهما ، فالألف جعلت مدة لنزول الملائكة وصعودهم إلى السماء الدنيا ، فإن المسافة بين الأرض والسماء الدنيا قدرت في الأحاديث بخمسمائة عام فإذا قدر نزولهم وصعودهم كان المجموع ألف سنة. وأما الخمسون ألفا فهي المدة التي يعرجون فيها من فوق السبع الطباق من عند العرش إلى المركز الأسفل الذي هو الحضيض.
* * *
واختار هذا القول في تفسيره البغوي ذاك العالم الرباني