فصل
فيما يلزم مدّعي التأويل لتصحيح دعواه
وعليكم في ذا وظائف أربع |
|
والله ليس لكم بهن يدان |
منها دليل صارف للفظ عن |
|
موضوعه الأصلي بالبرهان |
اذ مدعي نفس الحقيقة مبدع |
|
للأصل لم يحتج الى برهان |
فإذا استقام لكم دليل الصرف يا |
|
هيهات طولبتم بأمر ثان |
وهو احتمال اللفظ للمعنى الذي |
|
قلتم هو المقصود بالتبيان |
فإذا أتيتم ذاك طولبتم بأمر |
|
ثالث من بعد هذا الثاني |
اذ قلتم ان المراد كذا فما |
|
ذا دلكم اتخرص الكهان |
الشرح : ويلزمكم لتصحيح ما ادعيتموه من التأويل أربع أمور ليس لكم والله قدرة على واحد منها ، الأول أن تأتوا بدليل صارف للفظ عن معناه الأصلي ، فإن اللفظ لا يجوز صرفه عن معناه الموضوع له الا لدليل يدل على استحالة ذلك المعنى ، وما تدعونه من قرائن عقلية موجبة لذلك لا يسلمها لكم خصومكم ، وأما نحن فلا نحتاج الى مثل ذلك الدليل لأننا ندعي أن اللفظ مستعمل في حقيقته التي هي الأصل فيه ، فإذا ظفرتم بالدليل الصارف للفظ عن معناه ، وهيهات طولبتم باثبات أن اللفظ محتمل لذلك المعنى الذي ادعيتم أنه المقصود من اللفظ ، ثم عليكم بعد هذا أن تثبتوا بالدليل أن المعنى الذي عنيتموه حين قلتم أن المراد كذا هو المقصود للمتكلم ، فهذه أمور ثلاثة تلزم مدعي التأويل فلا تستقيم له دعواه الا إذا أثبت كل واحد منها بالدليل ، وما له الى ذلك من سبيل.
ثم ينضم إليها أمر رابع سيذكره المصنف فيما سيأتي ، وهو الجواب عن المعارض فان الدعوى لا تتم الا بذلك ، والمعارض هنا هو جميع أدلة الاثبات في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأدلة العقل والفطرة ، مما لا سبيل الى معارضته بما يشغب به القول من ترهات وأباطيل.
* * *