بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة الشارح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ، وبعد : فلما كانت القصيدة النونية للعلامة «ابن قيم الجوزية» التي سماها «الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية» من أعظم ما ألف في التعريف بمذهب السلف الصالح في اثبات الصفات لله تعالى مع تنزيهه عن مشابهة المخلوقات ، والرد على فرق الزيغ والضلال من المعطلة النفاة أو المجسمة الغلاة. وكانت هذه القصيدة حتى الآن بكرا لم يفتض ختامها ، وحمى لم يحم حوله أحد بالشرح والتحليل ، اللهم إلا بعض محاولات يسيرة ليس فيها شفاء لعليل ، ولا ريّ من غليل قام بها بعض الفضلاء من علماء مذهب السلف ، مثل الشيخ «ابن عيسى» والشيخ «عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي» علامة القصيمرحمهماالله تعالى وأجزل لهما المثوبة.
لهذا استخرت الله عزوجل في عمل شرح لها يجلي غوامضها ويبرز محاسنها ، ويجعلها من القارئ على طرف الثمام حتى ينتفع بها عشاق الفكر ورواد البحث. ويجدوا فيها إمتاعا لعقولهم ، وصقلا لأذهانهم ، وحتى تطمئن إليها القلوب المؤمنة التي استجابت لداعي الحق والهدى وتجد فيها زادا لايمانها ، ونورا لبصائرها ، وإني اذ آخذ فيما أنا بسبيله من ذلك العمل الجليل أقدر ثقل المهمة التي اضطلعت بها ، وما تقتضيه من وافر الجهد ودائب العمل نظرا لما حوته هذه القصيدة من الآراء والمذاهب ، وما اشتملت عليه من فنون الحجاج والجدل.